مسألة دعوى الرجل وطء الثيب وإنكارها .
مسألة : قال : وإن كانت ثيبا وادعى أنه يصل إليها أخلي معها في بيت وقيل له أخرج ماءك على شيء فإن ادعت أنه ليس بمني جعل على النار فإن ذاب فهو مني وبطل قولها وقد روي عن أبي عبد الله C رواية أخرى أن القول قوله مع يمينه .
اختلفت الرواية عن أبي عبد الله C في هذه المسألة فحكى الخرقي روايتين إحداهما : أنه يخلى معها ويقال أخرج ماءك على شيء فإن أخرجه فالقول قوله لأن العنين يضعف عن الإنزال فإذا أنزل تبينا صدقه فنحكم به وهذا مذهب عطاء فإن ادعت أنه ليس بمني جعل على النار فإن ذاب فهو مني لأنه شبيه ببياض البيض وذاك إذا وضع على النار تجمع ويبس وهذا يذوب فيتميز بذلك أحدهما من الآخر فيختبر به وعلى هذا متى عجز عن إخراج مائه فالقول قول المرأة لأن الظاهر معها .
الرواية الثانية : القول قول الرجل مع يمينه وبهذا قال الثوري و الشافعي و إسحاق وأصحاب الرأي و ابن المنذر لأن هذا مما يتعذر إقامة البينة عليه وجنبته أقوى فإن دعواه سلامة العقد وسلامة نفسه من العيوب والأصل السلامة فكان القول قوله كالمنكر في سائر الدعاوى وعليه اليمين على صحة ما قال وهذا قول من سمينا ههنا لأن قوله محتمل للكذب فقوينا قوله بيمينه كما في سائر الدعاوى التي يستحلف فيها فإن نكل قضي عليه بنكوله ويدل على وجوب اليمين عليه قول النبي A : [ ولكن اليمين على المدعى عليه ] .
قال القاضي ويتخرج أن لا يستحلف بناء على إنكاره دعوى الطلاق فإن فيها روايتين كذا ههنا والصحيح ما قال الخرقي لدلالة الخبر والمعنى عليه وروي عن أحمد رواية ثالثة أن القول قول المرأة مع يمينها حكاها القاضي في المجرد لأن الأصل عدم الإصابة فكان القول قولها لأن قولها موافق للأصل واليقين معها وفي كل موضع حكمنا بوطئه بطل حكم عنته فإن كان في ابتداء الأمر لم تضرب له مدة وإن كان بعد ضرب المدة انقطعت وإن كان بعد انقضائها لم يثبت لها خيار وكل موضع حكمنا بعدم الوطء منه ثبت حكم عنته كما لو أقر بها واختار أبو بكر أنه يزوج امرأة لها حظ من الجمال وتعطى صداقها من بيت المال ويخلى معها وتسألة عنه ويؤخذ بما تقول فإن أخبرت أنه يطأ كذبت الأولى والثانية بالخيار بني الإقامة والفسخ وصداقها من بيت المال وإن كذبته فرق بينه وبينهما وصداق الثانية من ماله ههنا لما روي أن امرأة جاءت إلى سمرة فشكت إليه أنه لا يصل إليها زوجها فكتب إلى معاوية فكتب إليه : إن زوجه بامراة ذات جمال يذكر عنها الصلاح وسق إليها المهر من بيت المال عنه فإن أصابها فقد كذبت وإن لم يصبها فقد صدقت ففعل ذلك سمرة فجاءت المرأة فقالت ليس عنده شيء ففرق بينهما .
وقال الأوزاعي : يشهده امرأتان ويترك بينهما ثوب ويجامع امرأته فإذا قام عنها نظرنا إلى فرجها فإن كان فيه رطوبة الماء فقد صدق وإلا فلا وحكي عن مالك مثل ذلك إلا أنه اكتفى بواحدة والصحيح أن القول قوله كما لو ادعى الوطء في الإيلاء ولما قدمنا واعتبار خروج الماء ضعيف لأنه قد يطأ ولا ينزل وقد ينزل من غير وطء فإن ضعف الذكر لا يمنع سلامة الظهر ونزول الماء وقد يعجز السليم القادر عن الوطء في بعض الأحوال وليس كل من عجز عن الوطء في حال من الأحوال أو وقت من الأوقات يكون عنينا ولذلك جعلنا مدته سنة وتزوجه بامرأة ثانية لا يصح لذلك أيضا ولأنه قد يعن عن امرأة دون أخرى ولأن نكاح الثانية إن كان مؤقتا أو غير لازم فهو نكاح باطل والوطء فيه حرام وإن كان صحيحا لازما ففيه اضرار بالثانية ولا ينبغي أن يقبل قولها لأنها تريد بذلك تخليص نفسها فهي متهمة فيه وليست بأحق أن يقبل قولها من الأولى ولأن الرجل لو أقر بالعجز عن الوطء في يوم أو شهر لم تثبت عنته بذلك وأكثر ما في الذي ذكروه أن يثبت عجزه عن الوطء في اليوم الذي اختبروه فيه فإذا لن تثبت عنته بإقراره بعجزه فلأن لا تثبت بدعوى غيره ذلك عليه أولى