مسألتان وفصلان : لا يجوز نكاح المتعة .
مسألة : قال C تعالى : ولا يجوز نكاح المتعة .
معنى نكاح المتعة أن يتزوج المرأة مدة مثل أن يقول زوجتك ابنتي شهرا أو سنة أو إلى انقضاء الموسم أو قدوم الحاج وشبهه سواء كانت المدة معلومة أو مجهولة فهذا نكاح باطل نص عليه أحمد فقال نكاح المتعة حرام وقال أبو بكر فيها رواية أخرى أنها مكروهة غير حرام لأن ابن منصور سأل أحمد عنها فقال يجتنبها أحب إلي وقال فظاهر هذا الكراهة دون التحريم وغير أبي بكر من أصحابنا يمنع هذا ويقول في المسألة رواية واحدة في تحريمها وهذا قول عامة الصحابة والفقهاء وممن روي عنه تحريمها عمر وعلي وابن عمر وابن مسعود وابن الزبير قال ابن عبد البر وعلى تحريم المتعة مالك وأهل المدينة و أبو حنيفة في أهل الكوفة و الأوزاعي في أهل الشام و الليث في أهل مصر و الشافعي وسائر أصحاب الآثار وقال زفر يصح النكاح ويبطل الشرط .
وحكي عن ابن عباس أنها جائزة وعليه أكثر أصحابه عطاء و طاوس وبه قال ابن جريج وحكي ذلك عن أبي سعيد الخذري و جابر وإليه ذهب الشيعة لأنه قد ثبت أن النبي A أذن فيها وروي أن عمر قال : متعتان كانتا على عهد رسول الله A أفأنهى عنهما وأعاقب عليهما ؟ متعة النساء ومتعة الحج ولأنه عقد على منفعة فيكون مؤقتا كالإجارة .
ولنا ما روى الربيع بن سبرة أنه قال : أشهد على أبي أنه حدث أن النبي A نهى عنه في حجة الوداع وفي لفظ [ أن رسول الله A حرم متعة النساء ] رواه أبو داود وفي لفظ رواه ابن ماجة [ أن رسول الله A حرم المتعة فقال : يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع إلا وإن الله قد حرمها إلى يوم القيامة ] وروي عن علي بن أبي طالب Bه [ أن رسول الله A نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأهلية ] رواه مالك في الموطأ وأخرجه الأئمة النسائي وغيره واختلف أهل العلم في الجميع بين هذين الخبرين فقال قوم في حديث علي تقديم وتأخير وتقديره أن النبي صلىالله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر ونهى عن متعة النساء ولم يذكر ميقات النهي عنها وقد بينه الربيع بن سبرة في حديثه أنه كان في حجة الوداع حكاه الإمام أحمد عن قوم وذكره ابن عبد البر وقال الشافعي لا أعلم شيئا أحله الله ثم حرمه ثم أحله ثم حرمه إلا المتعة فحمل الأمر على ظاهره وإن النبي A حرمها يوم خيبر ثم أباحها في حجة الوداع ثلاثة أيام ثم حرمها ولأنه لا تتعلق به أحكام النكاح من الطلاق والظهار واللعان والتوارث فكان باطلا كسائر الأنكحة الباطلة وأما قول ابن عباس فقد حكي عنه الرجوع عنه وروى أبو بكر بإسناده عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس لقد كثرت في المتعة حتى قال فيها الشاعر : .
( أقول وقد طال الثواء بنا معا ... يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس ) .
( هل لك في رخصة الأطراف آنسة ... تكون مثواك حتى مصدر الناس ) .
فقام خطيبنا وقال ان المتعة كالميتة والدم ولحم الخنزير فأما اذن رسول الله A فيها فقد ثبت نسخه وأما حديث عمر أن صح عنه فالظاهر أنه إنما قصد الأخبار عن تحريم النبي A لها ونهيه عنها إذ لا يجوز أن ينهى عما كان النبي A أباحه وبقي على إباحته .
فصل : وإن تزوجها بغير شرط إلا أن في نيته طلاقها بعد شهر أو إذا انقضت حاجته في هذا البلد فالنكاح صحيح في قول عامة أهل العلم إلا الأوزاعي قال هو نكاح متعة والصحيح أنه لا بأس به ولا تضر نيته وليس على الرجل أن ينوي حبس امرأته وحسبه إن وافقته وإلا طلقها .
مسألة : قال : ولو تزوجها على أن يطلقها في وقت بعينه لم ينعقد النكاح .
يعني إذا تزوجها بشرط أن يطلقها في وقت معين لم يصح النكاح سواء كان معلوما أو مجهولا مثل أن يشترط عليها طلاقها إن قدم أبوها أو أخوها وقال أبو حنيفة يصح النكاح ويبطل الشرط وهو أظهر قولي الشافعي قاله في عامة كتبه لأن النكاح وقع مطلقا وإنما شرط على نفسه شرطا وذلك لايؤثر كما لو شرط أن لا يتزوج عليها ولا يسافر بها .
ولنا أن هذا شرط مانع من بقاء النكاح فأشبه نكاح المتعة ويفارق ما قاسوا عليه فإنه لم يشترط قطع النكاح