مسألة حكم نكاح الشغار وبطلانه .
مسألة : قال : وإذا زوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته فلا نكاح بينهما وإن سموا مع ذلك صداقا أيضا .
هذا النكاح يسمى الشغار فقيل إنما سمي شغارا لقبحه تشبيها برفع الكلب رجله ليبول في القبح يقال شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول وحكي عن الأصمعي أنه قال : الشغار الرفع فكأن كل واحد منهما رفع رجله للآخر عما تريد ولا تختلف الرواية عن أحمد في أن نكاح الشغار فاسد رواه عنه جماعة قال أحمد وروي عن عمر وزيد ابن ثابت أنهما فرقا فيه وهو قول مالك و الشافعي وحكي عن عطاء و عمرو بن دينار و مكحول و الزهري و الثوري أنه يصح وتفسد التسمية ويجب مهر المثل لأن الفساد من قبل المهر لا يوجب فساد العقد كما لو تزوج على خمر أو خنزير وهذا كذلك .
ولنا ما روى ابن عمر [ أن رسول الله A نهى عن الشغار ] متفق عليه وروى أبو هريرة مثله أخرجه مسلم وروى الأثرم بإسناده عن عمران بن حصين [ أن رسول الله A قال : لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام ] ولأنه جعل كل واحد من العقدين سلفا في الآخر فلم يصح كما لو قال بعني ثوبك على أن أبيعك ثوبي وقولهم أن فساده من قبل التسمية قلنا لا بل إفساده من جهة أنه وقفه على شرط فاسد أو لأنه شرط تمليك البضع لغير الزوج فإنه جعل تزوجيه إياها مهرا للأخرى فكان ملكه إياه بشرط انتزاعه منه إذا ثبت هذا فلا فرق بين أن يقول على أن صداق كل واحدة منهما بضع الأخرى أو لم يقل ذلك وقال الشافعي هو أن يقول ذلك ولا يسمي لكل واحدة صداقا لما روى ابن عمر [ أن النبي A نهى عن الشغار ] والشغار أن يقول الرجل للرجل زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك ويكون بضع كل واحدة منهما مهر الأخرى .
ولنا ما روى ابن عمر [ أن رسول الله A نهى عن الشغار والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته وليس بينهما صداق ] هذا لفظ الحديث الصحيح المتفق عليه وفي حديث أبي هريرة والشغار أن يقول الرجل للرجل زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي أز زوجني أختك وازوجك أختي رواه مسلم وهذا يجب تقديمه لصحته وعلى أنه قد أمكن الجمع بينهما بأن يعلم بالجميع ويفسد بأي ذلك كان ولأنه إذا شرط في نكاح إحداهما تزويج الأخرى فقد جعل بضع كل واحدة صداق الأخرى ففسد كما لو لفظ به فأما إن سموا مع ذلك صداقا فقال زوجتك ابنتي على أن تزوجني ابنتك ومهر كل واحدة منهما مائة أو مهر ابنتي مائة ومهر ابنتك خمسون أو أقل أو صداقا فالمنصوص عن أحمد فيما وقفنا عليه صحته وهو قول الشافعي لما تقدم من حديث ابن عمر ولأنه قد سمى صداقا فصح كما لو لم يشرط ذلك وقال الخرقي لا يصح لحديث لأبي هريرة ولما روى أبو داود عن الأعرج أن العباس بن عبيد الله بن العباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته وأنكحة عبد الرحمن ابنته وكانا جعلا صداقا فكتب معاوية إلى مروان فأمره أن يفرق بينهما وقال في كتابه هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله A ولأنه شرط نكاح إحداهما لنكاح الأخرى فلم يصح كما لو يسميا صداقا يحققه إن عدم التسمية ليس بمفسد للعقد بدليل نكاح المفوضة فدل على أن المفسد هو الشرط وقد وجد ولأنه سلف في عقد فلم يصح كما لو قال بعتك ثوبي بعشرة على أن تبيعني ثوبك بعشرين وهذا الإختلاف فيما إذا لم يصرح بالتشريك فأما إذا قال زوجتك ابنتي على أن تزوجني ابنتك ومهر كل واحدة منهما مائة وبضع الأخرى فالنكاح فاسد لأنه صرح بالتشريك فلم يصح العقد كما لو يذكر مسمى