فصول ومسائل : في اختلاف الزوجين .
فصل في إختلاف الزوجين : لا يخلو اختلافهما من حالين أحدهما : لأن يكون قبل الدخول ففيه مسألتان : .
المسألة الأولى : أن يقول الزوج أسلمنا معا فنحن على النكاح وتقول هي بل أسلم أحدنا قبل صاحبه فانفسخ النكاح فقال القاضي القول قول المرأة لأن الظاهر معها وكذلك إذ يتعذر إتفاق الإسلام منهما دفعهة واحدة والقول قول من الظاهر معه ولذلك كان القول قول صاحب اليد وذكر أبو الخطاب فيها وجها آخر أن القول قول الزوج لأن الأصل بقاء النكاح والفسخ طارىء عليه فكان القول قول من يوافق قوله الأصل كالمنكر ولـ لشافعي قولان كهذين الوجهين .
المسألة الثانية : أن يقول الزوج أسلمت قبلي فلا صداق لك وتقول هي أسلمت قبلي فلي نصف الصداق فالقول قولها لأن المهر وجب بالعقد والزوج يدعي ما يسقطه والأصل بقاؤه ولم يعارضه ظاهر فبقي فإن اتفقا على أن أحدهما أسلم قبل صاحبه ولا يعلمان عينه فلها نصف الصداق كذلك ذكره أبو الخطاب وقال القاضي إن لم تكن قبضت فلا شيء لها لأنها تشك في استحقاقها فلا تستحق بالشك وإن كان بعد القبض لم يرجع عليها لأنه يشك في إستحاق الرجوع ولا يرجع مع الشك والأول أصح لأن اليقين لا يزال بالشك وكذلك إذا تيقن الطهارة وشك في الحدث أو تيقن الحدث وشك في الطهارة بنى على اليقين وهذه قد كان صداقها واجبا لها وشكا في سقوطه فيبقى على الوجوب وأما إن اختلفا بعد الدخول ففيه أيضا مسألتان .
المسألة الأولى : أن يقولا أسلمنا معا أو أسلم الثاني منا في العدة فنحن على النكاح وتقول هي بل أسلم الثاني بعد العدة فانفسخ النكاح ففيه وجهان أحدهما : القول قوله لأن الأصل بقاء النكاح والثاني : القول قولها لأن الأصل عدم إسلام الثاني .
المسألة الثانية : أن تقول أسلمت قبلك فلي نفقة العدة ويقول هو أسلمت قبلك فلا نفقة لك فالقول قولها لأن الأصل وجوب النفقة وهو يدعي سقوطها وإن قال أسلمت بعد شهرين من إسلامي فلا نفقة لك فيهما وقالت بعد شهر فالقول قوله لأن الأصل عدم إسلامها في الشهر الثاني فأما إن ادعى هو ما يفسخ النكاح وأنكرته انفسخ النكاح لأنه يقر على نفسه بزوال نكاحه وسقوط حقه فأشبه ما لو ادعى أنها أخته من الرضاع فكذبته .
فصل : وسواء فيما ذكرنا اتفقت الداران أو اختلفتا وبه قال مالك و الأوزاعي و الليث و الشافعي وقال أبو حنيفة أن أسلم أحدهما وهما في دار الحرب ودخل دار الإسلام انفسخ النكاح ولو تزوج حربي حربية ثم دخل دار الإسلام وعقد الذمة انفسخ نكاحه لاختلاف الدارين ويقتضي مذهبه أن أحد الزوجين الذميين إذا دخل دار الحرب ناقضا للعهد انفسخ نكاحه لأن الدار اختلفت بهما فعلا وحكما فوجب أن تقع الفرقة بينهما كما لو أسلمت في دار الإسلام قبل الدخول .
ولنا أن أبا سفيان أسلم بمر الظهران وامرأته بمكة لم تسلم وهي دار حرب وأم حكيم أسلمت بمكة وهرب زوجها عكرمة إلى اليمن وامرأة صفوان بن أمية اسلمت يوم الفتح وهرب زوجها ثم أسلموا وأقروا على أنكحتهم مع اختلاف الدين والدار بهم ولأنه عقد معاوضة فلم ينفسخ بإختلاف الدار كالبيع ويفارق ما قبل الدخول فإن القاطع للنكاح اختلاف الدين المانع من الإقرار على النكاح دون ما ذكروه فعلى هذا لو تزوج مسلم مقيم بدار الإسلام حربية من أهل الكتاب صح نكاحه وعندهم لا يصح .
ولنا عموم قوله تعالى : { والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم } ولأنها امرأة يباح نكاحها إذا كانت في دار الإسلام فأبيح نكاحها في دار الحرب كالمسلمة