مسألة وفصول : حكم ما لو اشترى اختين فأصاب إحداهما .
مسألة : قال : وإذا اشترى أختين فأصاب إحداهما لم يصب الأخرى حتى تحرم الأولى ببيع أو نكاح أو هبة وما أشبهه ويعلم أنها ليست بحامل فإن عادت إلى ملكه لم يصب واحدة منهما حتى تحرم عليه الأولى .
الكلام في هذه المسألة في فصول ستة : .
الفصل الأول : أنه يجوز الجمع بين الأختين في الملك بغير خلاف بين أهل العلم وكذلك بينها وبين عمتها وخالتها ولو اشترى جارية فوطئها حل له شراء أختها وعمتها وخالتها لأن الملك يقصد به التمول دون الاستمتاع وكذلك حل له شراء المجوسية والوثنية والمعتدة والمزوجة والمحرمات عليه بالرضاع والمصاهرة .
الفصل الثاني : أنه لا يجوز الجمع بين الأختين من امائه في الوطء نص عليه أحمد في رواية الجماعة وكرهه عمر وعثمان وعلي وعمار وابن عمر وابن مسعود وممن قال بتحريمه عبيد الله بن عبد الله بن عتبة جابر بن زيد و طاوس و مالك و الأوزاعي و أبو حنيفة و الشافعي وروي عن ابن عباس أنه قال أحلتهما آية وحرمتهما آية ولم أكن لأفعله يروى ذلك عن علي أيضا يريد بالمحرمة قوله : { وأن تجمعوا بين الأختين } وبالمحللة قوله تعالى : { إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم } .
وقد روى ابن منصور عن أحمد وسأله عن الجمع بين الأختين المملوكتين أحرام هو ؟ قال لا أقول حرام ولكن ننهى عنه وظاهر هذا أنه مكروه غير محرم وقال داود وأهل الظاهر لا يحرم استدلالا بالآية المحللة لأن حكم الحرائر في الوطء مخالف لحكم الإماء ولهذا تحرم الزيادة على أربع في الحرائر وتباح في الإماء بغير حصر والمذهب تحريمه للآية المحرمة فإنه يريد بها الوطء والعقد جميعا بدليل من سائر المذكورات في الآية يحرم وطؤهن والعقد عليهن وآية الحل مخصوصة بالمحرمات جميعهن وهذه منهن ولأنها امرأة صارت فراشا فحرمت أختها كالزوجة .
الفصل الثالث : أنه إذا كان في ملكه اختان فله وطء احداهما في قول أكثر أهل العلم وقال الحكم و حماد لا يقرب واحدة منهما وروي ذلك عن النخعي وذكره أبو الخطاب مذهبا لـ أحمد ولنا أنه ليس يجمع بينهما في الفراش فلم يحرم كما لو كان في ملكه احداهما فقط .
الفصل الرابع : أنه إذا وطىء احداهما فليس له وطء الأخرى قبل تحريم الموطوءة على نفسه بإخراج عن ملكه أو تزويج هذا قول علي وابن عمر و الحسن و الأوزاعي و إسحاق و الشافعي فإن رههنا لم تحل له أختها لأنه منعه من وطئها لحق المرتهن لا لتحريمها ولهذا يحل له بإذن المرتهن في وطئها ولأنه يقدر على فكها متى شاء واسترجاعها إليه وقال قتادة إن استبرأها حلت له أختها لأنه قد زال فراشه ولهذا لو أتت بولد فنفاه بدعوى الاستبراء انتفى فأشبه ما لو زوجها .
ولنا قول علي وابن عمر ولأنه لم يزل ملكه عنها ولا حلها له فأشبه ما لو وطئت بشبهة فاستبرأها من ذلك الوطء ولأن ذلك لا يمنعه وطأها فلا يأمن عوده إليها فيكون ذلك ذريعة إلى الجمع بينهما وإن حرم احداهما على نفسه لم تبح الأخرى لأن هذا لا يحرمها إنما هو يمين يكفر ولو كان يحرمها إلا أنه لعارض متى شاء أزاله بالكفارة فهو كالحيض والنفاس والإحرام والصيام وإن كاتب احداهما فظاهر كلام الخرقي أنه لا تحل له الأخرى وقال أصحاب الشافعي تحل له الأخرى لأنها حرمت عليه بسبب لا يقدر على رفعه فأشبه التزويج .
ولنا أنه بسبيل من استباحتها بما لا يقف على غيرهما فلم تبح له أختها كالمرهونة .
الفصل الخامس : أنه إذا أخرجها من ملكه لم تحل له أختها حتى يستبرىء المخرجة ويعلم براءتها من الحمل ومتى كانت حاملا منه لم تحل له أختها حتى تضع حملها لأنه يكون جامعا ماءه في رحم أختين بمنزلة نكاح الأخت في عدة أختها .
فصل : فإن وطىء أمتيه الأختين معا فوطء الثانية محرم ولا حد فيه ولأن وطأه في ملكه ولأنها مختلف في حكمها وله سبيل إلى استباحتها بخلاف أخته من الرضاع المملوكة له ولا يحل له وطء إحداهما حتى يحرم الأخرى ويستبرئها وقال القاضي وأصحاب الشافعي الأولى باقية على الحل لأن الوطء الحرام لا يحرم الحلال إلا أن القاضي قال : لا يطؤها حتى يستبرىء الثانية .
ولنا أن الثانية قد صارت فراشا له يلحقه نسب ولدها فحرمت عليه أختها كما لو وطئها ابتداء وقولهم أن الحرام لا يحرم الحلال ليس بخبر صحيح وهو متروك بما لو وطىء الأولى في حيض أو نفاس أو إحرام حرمت عليه أختها وتحرم عليه أمها وابنتها على التأبيد وكذلك لو وطىء امرأة بشبهة في هذا الحال ولو وطىء امرأة حرمت عليه ابنتها سواء وطئها حراما أو حلالا .
الفصل السادس : أنه متى زال ملكه عن الموطوءة زوالا أحل له أختها فوطئها ثم عادت الأولى إلى ملكه فليس له وطء إحداهما حتى تحرم الأخرى بإخراج عن ملكه أو تزويج نص عليه أحمد وقال أصحاب الشافعي لا يحرم عليه واحدة منهما لأن الأولى لم تبق فراشا فأشبه ما لو وطىء أمة ثم اشترى أختها .
ولنا أن هذه صارت فراشا وقد رجعت إليه التي كانت فراشا فحرمت عليه كل واحدة منهما بكون أختها فراشا كما لو انفردت به فأما إن استفرش أمة واشترى أختها فإن المشتراة لم تكن فراشا له بل هي محرمة عليه بافتراش أختها ولو أخرج الموطوءة عن ملكه ثم عادت إليه قبل وطء أختها فهي حلال له وأختها محرمة عليه لأن أختها فراشه