مسألة إذا تزوجت المرأة من غير كفء فالنكاح باطل .
مسألة : قال : وإذا زوجت من غير كفء فالنكاح باطل .
اختلفت الرواية عن أحمد في اشتراط الكفاءة لصحة النكاح فروي عنه أنها شرط له قال إذا تزوج المولى العربية فرق بينهما وهذا قول سفيان وقال أحمد في الرجل يشرب الشراب ما هو بكفء لها يفرق بينهما وقال لو كان المتزوج حائكا فرقت بينهما لقول عمر Bه لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء رواه الخلال بإسناده .
وعن أبي إسحاق الهمداني قال خرج سلمان و جرير في سفر فأقيمت الصلاة فقال جرير لسلمان تقدم أنت قال سلمان بل أنت تقدم فإنكم معشر العرب لا يتقدم عليكم في صلاتكم ولا تنكح نساؤكم إن الله فضلكم علينا بمحمد A وجعله فيكم ولأن التزويج مع فقد الكفاءة تصرف في حق من يحدث من الأولياء بغير إذنه فلم يصح كما لو زوجها بغير إذنها .
وقد روي [ أن النبي A قال : لا تنكحوا النساء إلا من الأكفاء ولا تزوجوهن إلا الأولياء ] رواه الدار قطني إلا أن ابن عبد البر قال : هذا ضعيف لا أصل له ولا يحتج بمثله .
والرواية الثانية عن أحمد أنها ليست شرطا في النكاح وهذا قول أكثر أهل العلم روي نحو هذا عن عمر وابن مسعود وعمر بن عبد العزيز وعبيد بن عمير وحماد بن أبي سلمان و ابن سيرين وابن عون و مالك و الشافعي وأصحاب الرأي لقوله تعالى : { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } وقالت عائشة Bها إن أبا حذيفة و ابن عتبة بن ربيعة تبنى سالما وأنكحه ابنة أخيه هند بنة الوليد بن عتبة وهو مولى لامرأة من الأنصار أخرجه البخاري و [ أمر النبي A فاطمة بنت قيس أن تنكح أسامة بن زيد ومولاه فنكحها بأمره ] متفق عليه وزوج أباه زيد ابن حارثة ابنة عمته زينب بنت جحش الأسدية وقال ابن مسعود لأخته أنشدك الله أن تتزوجي إلا مسلما وإن كان أحمر أو أسود حبشيا ولأن الكفاءة لا تخرج عن كونها حقا للمرأة أو الأولياء أولهما فلم يشترط وجودها كالسلامة من العيوب .
وقد [ روي أن أبا هند حجم النبي A في اليافوخ فقال النبي A : يا بني نياضة أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه ] رواه ابو داود إلا أن أحمد ضعفه وأنكره إنكارا شديدا والصحيح أنها غير مشترطة وما روي فيها يدل على اعتبارها في الجملة ولا يلزم منه اشترطها وذلك لأن الزوجة وكل واحد من الأولياء له فيها حق ومن لم يرض منهم فله الفسخ ولذلك لما زوج رجل ابنته من ابن أخيه ليرفع بها خسيسته جعل النبي A الخيار فأجازت ما صنع أبوها ولو فقد الشرط لم يكن لها خيار فإذا قلنا باشتراطها فإنما نعتبر وجودها حال العقد فإن عدمت بعده لم يبطل النكاح لأن شروط النكاح إنما تعتبر لدى العقد وإن كانت معدومة حال العقد فالنكاح فاسد حكمه حكم العقود الفاسدة على ما مضى فإن قلنا ليست شرطا فرضيت المرأة والأولياء كلهم صح النكاح وإن لم يرض بعضهم فهل يقع العقد باطلا من أصله أو صحيحا ؟ فيه روايتان عن أحمد وقولان لـ الشافعي .
أحدها : أنه باطل لأن الكفاءة حق لجميعهم والعاقل متصرف فيها بغير رضاهم فلم يصح كتصرف الفضولي .
والثانية : هو الصحيح بدليل أن المرأة التي رفعت إلى النبي A أن أباها زوجها من غير كفئها خيرها ولم يبطل النكاح من أصله ولأن العقد وقع بالإذن والنقص الموجود فيه لا يمنع صحته وإنما يثبت الخيار كالعيب من العنة وغيرها فعلى هذه الرواية لمن لم يرض الفسخ وبهذا قال الشافعي و مالك وقال أبو حنيفة إذا رضيت المرأة وبعض الأولياء لم يكن لباقي الأولياء فسخ لأن هذا الحق لا يتجزأ وقد أسقط بعض الشركاء حقه فسقط جميعه كالقصاص .
ولنا أن كل واحد من الأولياء يعتبر رضاه فلم يسقط برضا غيره كالمرأة مع الولي فأما القصاص فلا يثبت لكل واحد كاملا فإذا سقط بعضه تعذر استيفاؤه وههنا بخلافه ولأنه لو زوجها بدون مهر مثلها ملك الباقون عندهم الإعتراض مع أنه خالص حقها فههنا مع أنه حق لهم أولى وسواء كانوا متساوين في الدرجة أو متفاوتين فزوج الأقرب مثل أن يزوج الأب بغير كفء فإن للإخوة الفسخ وقال مالك و الشافعي ليس لهم الفسخ إذا زوج الأقرب لأنه لا حق للأبعد معه فرضاؤه لا يعتبر .
ولنا أنه ولي في حال يلحقه العار بفقد الكفاءة فملك الفسخ كالمتساويين