مسألة وفصلان .
مسألة : قال : وإذا كان وليها غائبا في موضع لا يصل إليه الكتاب أو يصل فلا يجيب عنه زوجها من هو أبعد منه من عصبتها فإن لم يكن فالسلطان .
الكلام في هذه المسألة في فصلين : .
الفصل الأول : أن الأقرب إذا غاب غيبة متقطعة فللأبعد من عصبتها تزويجها دون الحاكم وبهذا قال أبو حنيفة وقال الشافعي يزوجها الحاكم لأنه تعذر الوصول إلى النكاح من الأقرب مع بقاء ولايته فيقوم الحاكم مقامه كما لو عضلها ولأن الأبعد محجوب بولاية الأقرب فلا يجوز له التزويج كما لو كان حاضرا ودليل بقاء ولايته أنه لو زوج من حيث هو أو وكل صح .
ولنا قوله عليه السلام : [ السلطان ولي من لا ولي له ] وهذه لها ولي فلا يكون السلطان وليها ولأن الأقرب تعذر حصول التزويج منه فتثبت الولاية لمن يليه من العصبات كما لو جن أو مات ولأنها حالة يجوز فيها التزويج لغير الأقرب فكان ذلك للأبعد كالأصل وإذا عضلها الأقرب فهو كمسألتنا .
والفصل الثاني : في الغيبة المتقطعة التي يجوز للأبعد التزويج في مثلها ففي قول الخرقي هي من لا يصل إليه الكتاب أو يصل فلا يجيب عنه لأن مثل هذا تتعذر مراجعته بالكلية فتكون منقطعة أي ينقطع من إمكان تزويجها وقال القاضي يجب أن يكون حد المسافة أن لا تردد القوافل فيه في السنة إلا مرة لأن الكفء ينتظر سنو ولا ينتظر أكثر منها فيلحق الضرر بترك تزويجها .
وقد قال أحمد في موضع : إذا كان الأب بعيد السفر يزوج الأخ قال أبو الخطاب فيحتمل أنه أراد بالسفر البعيد ما تقصر فيه الصلاة لأن ذلك هو السفر الذي علقت عليه الأحكام وذهب أبو بكر إلى أن حدها ما لا يقع إلا بكلفة ومشقة لأن أحمد قال إذا لم يكن ولي حاضر من عصبتها كتب إليهم حتى يأذنوا إلا أن تكون غيبة متقطعة لا تدرك إلا بكلفة ومشقة فالسلطان ولي من لا ولي له وهذا القول إن شاء الله تعالى أقربها إلى الصواب فإن التحديدات بابا التوقيف ولا توقيف في هذه المسألة فترد إلى ما يتعارفه الناس بينهم مما لم تجر العادة بالإنتظار فيه ويلحق المرأة الضرر بمنعها من التزويج مثله فإنه يتعذر في ذلك الوصول إلى المصلحة من نظر الأقرب فيكون كالمعدوم والتحديد بالعام كبير فإن الضرر يلحق بالإنتظار في مثل ذلك ويذهب الخاطب ومن لا يصل الكتاب منه أبعد ومن هو على مسافة القصر لا تلحق المشقة في مكاتبته والتوسط أولى والله أعلم .
واختلف أصحاب أبي حنيفة في الغيبة المتقطعة فقال بعضهم كقول القاضي وبعضهم قال من الري إلى بغداد وبعضهم قال من البصرة إلى الرقة وهذان القولان يشبهان قول أبي بكر واختلف أصحاب الشافعي في الغيبة التي يزوج فيها الحاكم فقال بعضهم مسافة القصر وقال بعضهم يزوجها الحاكم وإن كان الولي قريبا وهو ظاهر نص الشافعي وظاهر كلام أحمد أنه إذا كانت الغيبة متقطعة أنه ينتظر ويراسل حتى يقدم أو يوكل