مسألة بيان في أولى الولاة بإرث الولاء .
مسألة : قال : وإذا هلك رجل عن ابنين ومولى فمات أحد الإبنين بعده عن ابن ثم مات المولى فالولاء لابن معتقه لأن الولاء للكبر ولو هلك الإبنان بعده وقبل المولى وخلف أحدهما ابنا والآخر تسعة كان الولاء بينهم على عددهم لكل واحد منهم عشرة .
هذا قول أكثر أهل العلم قال الإمام أحمد روى هذا عن عمر وعثمان وعلي وزيد وابن مسعود وروى سعيد حدثنا هشيم حدثنا أشعث بن سوار عن الشعبي أن عمر وعليا وابن مسعود وزيدا كانوا يجعلون الولاء للكبر وروي ذلك عن ابن عمر وأبي بن كعب وأبي مسعود البدري وأسامة بن زيد وبه قال عطاء و طاوس و سالم بن عبد الله و الحسن و ابن سيرين و الشعبي و النخعي و الزهري و قتادة و ابن قسيط و مالك و الثوري و الشافعي و إسحاق و أبو ثور وأصحاب الرأي و داود كلهم قالوا الولاء للكبر وتفسيره أنه يرث المولى المعتق من عصبات سيده أقربهم إليه وأولاهم بميراثه يوم موت العبد قال ابن سيرين إذا مات المعتق نظر إلى أقرب الناس إلا الذي أعتقه فيجعل ميراثه له وإذا مات السيد قبل مولاه لم ينتقل الولاء إلى عصبته لأن الولاء كالنسب لا ينتقل ولا يورث وإنما يورث به فهو باق للمعتق أبدا لا يزول عنه بدليل قوله عليه السلام : [ إنما الولاء لمن أعتق ] وقوله : [ الولاء لحمة كلحمة النسب ] وإنما يرث عصبة السيد مال مولاه بولاء معتقه لا نفس الولاء ويتضح معنى هذا القول بمسألتي الخرقي اللتين ذكرناهما ههنا إذا مات رجل عن ابنين ومولى فمات أحد الابنين بعده عن ابن ثم مات المولى ورثه ابن معتقه دون ابن ابن معتقه لأن ابن ابن المعتق أقرب عصبة سيده ولو مات السيد وخلف ابنه وابن ابنه لكان ميراثه لابنه دون ابن ابنه فكذلك إذا مات المولى والمسألة الأخرى إذا هلك الابنان بعده وقبل مولاه وخلف أحدهما ابنا والآخر تسعة ثم مات المولى كان ميراثه بينهم على عددهم لكل واحد منهم عشرة لأن السيد لو مات كان ميراثه بينهم كذلك فكذلك ميراث مولاه ولو كان الولاء موروثا لانعكس الحكم في المسألتين وكان الميراث في المسألة الأولى بين الابن وابن الابن كأن الابنين ورثا الولاء عن أبيهما ثم ما صار للابن الذي مات انتقل إلى ابنه فصار ميراث الولي بينه وبين عمه نصفين وفي المسألة الثانية يصير لابن الابن المنفرد نصف الولاء بميراثه ذلك عن ابنه ولني الابن الآخر النصف بينهم على عددهم وشذ شريح فقال الولاء بمنزلة المال يورث عن المعتق فمن ملك شيئا حياته فهو لورثته .
وقد حكي عم عمر وعلي وابن عباس وابن المسيب نحو هذا وروي عن حنبل و محمد بن الحكم عن أحمد نحوه وغلطهما أبو بكر في روايتهما فإن الجماعة رووا عن أحمد مثل قول الجمهور قال أبو الحارث سألت أبا عبد الله عن الولاء للكبر فقال كذا روي عمر وعثمان وعلي وزيد وابن مسعود أنهم قالوا الولاء للكبر إلى هذا القول أذهب وتفسير ذلك أن يعتق الرجل عبدا ثم يموت ويخلف ابنين فيموت أحد الابنين ويخلف ابنا فولاء هذا العبد المعتق لابن المعتق وليس لابن الابن شيء مع الابن وحجة شريح حديث عمرو بن شعيب الذي ذكرناه والقياس على المال .
ولنا قول النبي A : [ المولى أخ في الدين وولي نعمة وأولى الناس به أقربهم من المعتق ] وقوله عليه السلام : [ الولاء لمن أعتق ] وقوله : [ الولاء لحمة كلحمة النسب ] ولأنه من أسباب التوارث فلم يورث كالقرابة والنكاح ولأنه إجماع من الصحابة ولم يظهر عنهم خلافه فلا يجوز مخالفته وحديث عمرو بن شعيب قد غلطه العلماء فيه ولم يصح عن أحد من الصحابة خلاف هذا القول وحكاه الشعبي والأئمة عن عمر ومن ذكرنا قولهم ولا يصح اعتبار الولاء بالمال لأن الولاء لا يورث بدليل أنه لا يرث منه ذوو الفروض وإنما يورث به فينظر أقرب الناس إلى سيده من عصباته يوم موت العبد والمعتق فيكون هو الوارث المولى دون غيره كما أن السيد لو مات في تلك الحال ورثه وحده فإذا خلف ابن مولاه وابن ابن مولاه فماله لابن مولاه وإن خلف ابن ابن مولاه وتسعة بني ابن آخر لمولاه فماله بينهم على عددهم لكل واحد عشر لأنهم يرثون جدهم كذلك ولو خلف السيد ابنه وابن ابنه فمات ابنه بعده عن ابن ثم مات عتيقه فميراثه بين ابني الابن نصفين وفي قول شريح هو لابن الابن الذي كان حيا عند موت ابنه وإن مات السيد عن أخ من أب وابن أخ من أبوين فمات الأخ من الأب عن ابن ثم مات العتيق فماله لابن الأخ من الأبوين وفي قول شريح هو لابن الأخ من الأب وإن لم يخلف عصبة من نسب مولاه فماله لمولى مولاه ثم لأقرب عصباته ثم لمولى مولاه فإذا انقرض عصباته وموالي الموالي وعصباتهم فماله لبيت المال