فصلان في الطلاق .
فصل في الطلاق : إذا طلق الرجل امرأته طلاقا يملك رجعتها في عدتها لم يسقط التوارث بينهما مادامت في العدة سواء كان في المرض أو الصحة بغير خلاف نعلمه وروي ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود Bهم وذلك لأن الرجعية زوجة يلحقها طلاقه وظهاره وإيلاؤه ويملك امساكها بالرجعة بغير رضاها ولا ولي ولا شهود ولا صداق جديد وان طلقها في الصحة طلاقا بائنا أو رجعيا فبانت بانقضاء عدتها لم يتوارثا إجماعا وإن كان الطلاق في المرض المخوف ثم مات من مرضه ذلك في عدتها ورثته ولم يرثها إن ماتت يروى هذا عن عمر وعثمان Bهما وبه قال عروة و شريح و الحسن و الشعبي و النخعي و الثوري و أبو حنيفة في أهل العراق و مالك في أهل المدينة و ابن أبي ليلى وهو قول الشافعي Bه والقديم .
وروي عن عتبة بن عبد الله بن الزبير لا ترث مبتوتة وروي ذلك عن علي وعبد الرحمن بن عوف وهو قول الشافعي الجديد لأنها بائن فلا ترث كالبائن في الصحة أو كما كان الطلاق باختيارها ولأن أسباب الميراث محصورة في رحم ونكاح وولاء وليس لها شيء من هذه الأسباب .
ولنا أن عثمان Bه ورث تماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف وكان طلقها في مرضه فبتها واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكر فكان إجماعا ولم يثبت عن علي ولا عبد الرحمن خلاف في هذا بل قد روى عروة عن عثمان أنه قال لعبد الرحمن لئن مت لأورثتها منك قال قد علمت ذلك وما روي عن ابن الزبير أن صح قهو مسبوق بالإجماع ولأن هذا قصدا فاسدا في الميراث فعوض بنقيض قصده كالقاتل القاصد استعجال الميراث يعاقب بحرمانه إذا ثبت هذا فالمشهور عن أحمد أنها ترثه في ا لعدة وبعدها ما لم تتزوج قال أبو بكر لا يختلف قول أبي عبد الله في المدخول بها إذا طلقها المريض أنها ترثه في العدة وبعدها ما لم تتزوج روي ذلك عن الحسن وهو قول البتي وحميد و ابن أبي ليلى وبعض البصريين وأصحاب الحسن و مالك في أهل المدينة وذكر عن أبي بن كعب لما روي أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أباه طلق أمه وهو مريض فمات فورثته بعد انقضاء العدة ولأن سبب توريثها فراره من ميراثها وهذا المعنى لا يزول بانقضاء العدة وروي عن أحمد ما يدل على أنها لا ترث بعد العدة فإنه قال في رواية الأثرم ويلزم من قال له أن يتزوج أربعا قبل انقضاء عدة مطلقاته أنه لو طلق أربع نسوة في مرضه ثم تزوج أربعا ثم مات من مرضه ذلك أن الثمان يرثنه كلهن فيكون مسلما يرثه ثمان نسوة وهذا القول يلزم منه توريث ثمان وتوريثها بعد العدة يلزم منه ذلك ولأنه قال في المطلقة قبل الدخول لا ترث لأنها لا عد لها وهذه كذلك فلا ترث وهذا قول عروة و أبي حنيفة وأصحابه وقول الشافعي القديم لأنها تباح لزوج آخر فلم ترثه كما لو كان في الصحة ولأن توريثها بعد العدة يفضي إلى توريث أكثر من أربع نسوة فلم يجز ذلك كما لو تزوجت وإن تزوجت المبتوتة لم ترثه سواء كانت في الزوجية أو بانت من الزوج الثاني هذا قول أكثر أهل العلم وقال مالك في أهل المدينة ترثه لما ذكرنا للرواية الأولى ولأنها شخص يرث مع انتفاء الزوجية فورث معها كسائر الوارثين .
ولنا أن هذه وارثة زوج فلا ترث زوجا سواه كسائر الزوجات ولأن التوارث من حكم النكاح فلا يجوز اجتماعه مع نكاح آخر كالعدة ولأنها فعلت بإختيارها ما ينافي نكاح الأولى لها فأشبه ما لو كان فسخ النكاح من قبلها .
فصل : ولو صح من مرضه ذلك ثم مات بعده لم ترثه في قول الجمهور وروي عن النخعي و الشعبي و الثوري وزفر أنها ترثه لأنه طلاق مرض قصد به الفرار من الميراث فلم يمنعه كما لو يصح .
ولنا أن هذه بائن بطلاق في غير مرض الموت فلم ترثه كالمطلقة في الصحة ولأن حكم هذا المرض حكم الصحة في العطايا والاعتاق والاقرار فكذلك في الطلاق وما ذكروه يبطل بما إذا قصد القرار بالطلاق في صحته