فصل الشروط التي تشترط لميراث الحمل .
فصل : ولا يرث الحمل إلا بشرطين أحدهما : أن يعلم أنه كان موجودا حال الموت ويعلم ذلك بأن تأتي لأقل من ستة أشهر فإن أتت به الأكثر من ذلك نظرنا فإن كان لها زوج أو سيد يطؤها لم يرث إلا أن يقر الورثة أنه كان موجودا حال الموت وإن كانت لا توطأ اما لعدم الزوج أو لسيد وإما لغيبتهما أو اجتنابهما الوطء عجزا أو قصدا أو غيره ورث ما لم يجاوز أكثر مدة لحمل وذلك أربع سنين في أصح الروايتين وفي الأخرى سنتان والثاني : أن تضعه حيا فإن وضعته ميتا لم يرث في قولهم جميعا واختلف فيما يثبت به الميراث من الحياة واتفقوا على أنه إذا استهل صارخا ورث وورث وقد روى أبو داود بإسناده عن أبي هريرة عن النبي A أنه قال : [ إذا استهل المولود ورث ] وروى ابن ماجة بإسناده عن جابر عن النبي A مثله واختلفوا فيما سوى الاستهلال فقالت طائفة لا يرث حتى يستهل ولا يقوم غيره مقامه ثم اختلفوا في الاستهلال ما هو فقالت طائفة لا يرث حتى يستهل صارخا فالمشهور عن أحمد Bه أنه لا يرث حتى يستهل وروي ذلك عن ابن عباس و الحسن بن علي وأبي هريرة و جابر و سعيد بن المسيب و عطاء و شريح و الحسن و ابن سيرين و النخعي و الشعبي و ربيعة و أبي سلمة بن عبد الرحمن و مالك و أبي عبيد و إسحاق لأن مفهوم قول النبي A : [ إذا استهل المولود ورث ] أنه لا يرث بغير الاستهلال وفي لفظ ذكره ابن سراقة [ عن النبي A أنه قال في الصبي المنفوس : إذا وقع صارخا فاستهل ورث وتمت ديته وسمي وصلي عليه وإن وقع حيا ولم يستهل صارخا لم تتم ديته وفيه غرة عبد أو أمة على العاقلة ] ولأن الاستهلال لا يكون إلا من حي والحركة تكون من غير حي فإن اللحم يختلج سيما إذا خرج من مكان ضيق فتضامت أجزاؤه ثم خرج إلى مكان فسيح فإنه يتحرك من غير حياة فيه ثم إن كانت فيه حياة فلا نعلم كونها مستقرة لاحتمال أن تكون كحركة المذبوح فإن الحيوانات تتحرك بعد الذبح حركة شديدة وهي في حكم الميت واختلف في الاستهلال ما هو فقيل الصراخ خاصة وهذا قول من ذكرنا في هذه المسألة ورواه أبو طالب عن أحمد فقال لا يرث إلا من استهل صارخا وإنما سمي الصراخ من الصبي الاستهلال تجوزا والأصل فيه أن الناس إذا رأوا الهلال صاحوا عند رؤيته واجتمعوا وأراه بعضهم بعضا فسمي الصوت عند استهلال الهلال استهلالا ثم سمي الصوت من الصبي المولود استهلالا لأنه صوت عند وجود شيء يجتمع له ويفرح به وروى يوسف بن موسى عن أحمد أنه قال يرث السقط ويورث إذا استهل فقيل له ما استهلاله ؟ قال إذا صاح أو عطس أو بكى فعلى هذا كل صوت يوجد منه تعلم به حياته فهو استهلال وهذا قول الزهري و القاسم بن محمد لأنه صوت علمت به حياته فأشبه الصراخ .
وعن أحمد رواية ثالثة إذا علمت حياته بصوت أو حركة أو رضاع أو غيره ورث وثبت له أحكام المستهل لأنه حي فتثبت له أحكام الحياة كالمستهل وبهذا قال الثوري و الأوزاعي و الشافعي و أبو حنيفة و أصحابه و داود وإن خرج بعضه حيا فاستهل ثم انفصل باقيه ميتا لم يرث وبهذا قال الشافعي Bه وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا خرج أكثره فاستهل ثم مات ورث لقوله عليه السلام : [ إذا استهل المولود ورث ] ولنا أنه لم يخرج جميعه فأشبه ما لو مات قبل خروج أكثره