فصل الكفار يتوارثون إذا كان دينهم واحدا .
فصل : فأما الكفار فيتوارثون إذا كان دينهم واحدا لا نعلم بين أهل العلم فيه خلافا قول النبي A : [ لا يرث المسلم الكافر ] دليل على أن بعضهم يرث بعضا وقوله : [ لا يتوارث أهل ملتين شتى ] ودليل على أن أهل الملة الواحدة يرث بعضهم بعضا وقول النبي A : [ وهل ترك لنا عقيل من دار ] دليل على أن عقيلا ورث أبا طالب دون جعفر وعلي لأنهما كان مسلمين وكان عقيل على دين أبيه مقيما بمكة فباع رباعه بمكة فلذلك لما [ قيل للنبي A أين تنزل غدا ؟ قال : وهل ترك لنا عقيل من رباع ] وقال عمر في عمة الأشعث بن قيس يرثها أهل دينها فإن اختلفت أديانهم فاختلف عن أحمد فروي عنه أن الكفر كله ملة واحدة يرث بعضهم بعضا رواه عنه عن حرب واختاره الخلال وبه قال حماد و ابن شبرمة و أبو حنيفة و الشافعي و داود لأن توريث الآباء من الأبناء والأبناء من الآباء مذكور في كتاب الله تعالى ذكرا عاما ن فلا يترك إلا فيما استثناه الشرع ومالم يستثنه الشرع يبقى على العموم ولأن قول الله تعالى : { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض } عام في جميعهم .
وروي عن احمد أن الكفر ملل مختلفة لا يرث بعضهم بعضا اختاره أبو بكر وهو قول كثير من أهل العلم لأن قول النبي A : [ لا يتوارث أهل ملتين شتى ] ينفي توارثهما ويخص عموم الكتاب ولم نسمع عن أحمد تصريحا بذكر أقسام الملل وقال القاضي أبو يعلى الكفر ثلاث ملل : اليهودية والنصرانية ودين من عداهم لأن من عداهم يجمعهم أنهم لا كتاب لهم وهذا قول شريح و عطاء وعمر بن عبد العزيز والضحاك والحكم و الثوري و الليث و شريك و مغيرة و الضبي و ابن أبي ليلى و الحسن بن صالح و وكيع وروي ذلك عن مالك وروي عن النخعي و الثوري القولان معا يحتمل كلام أحمد Bه أن يكون الكفر مللا كثيرة فتكون المجوسية ملة وعبادة الأوثان ملة أخرى وعبادة الشمس ملة فلا يرث بعضهم بعضا روي ذلك عن علي وبه قال الزهري و ربيعة وطائفة من أهل المدينة وأهل البصرة و إسحاق وهو أصح الأقوال إن شاء الله تعالى لقول النبي A : [ لا يتوارث أهل ملتين شتى ] ولأن كل فريقين منهم لا موالاة بينهم ولا اتفاق في دين فلم يرث بعضهم بعضا كالمسلمين والكفار والعمومات في التوريث مخصوصة فيخص منها محل النزاع بالخبر والقياس ولأن مخالفينا قطعوا التوارث بين أهل الحرب وأهل دار الإسلام مع اتفاقهم في الملة لانقطاع الموالاة فمع اختلاف الملة أولى وقول من حصر الملة بعدم الكتاب غير صحيح فإن هذا وصف عدمي لا يقتضي حكما ولا جمعا ثم لا بد لهذا الضابط من دليل يدل على اعتباره ثم قد افترق حكمهم فإن المجوس يقرون بالجزية وغيرهم لا يقر بها وهم مختلفون في معبوداتهم ومعتقداتهم وآرائهم يستحل بعضهم دماء بعض ويكفر بعضهم بعضا فكانوا مللا كاليهود والنصارى وقد روي ذلك عن علي Bه فإن إسماعيل بن أبي خالد روي عن الشعبي عن علي عليه السلام أنه جعل الكفر مللا مختلفة ولم يعرف له مخالف في الصحابة فيكون إجماعا