فصول : وإن وصى بمعين حاضر وسائر ماله دين وإذا كان الدين مثل العين .
فصل : وإن وصى بمعين حاضر وسائر ماله دين أو غائب فليس للوصي أخذ المعين قبل قدوم الغائب أو استيفاء الدين لأنه ربما تلف فلا تنفذ الوصية في المعين كله وظاهر كلام الخرقي أن للوصي ثلث المعين ذكره في المدبر وقيل لا يدفع إليه شيء لأن الورثة شركاؤه في التركة فلا يحصل له شيء ما لم يحصل للورثة مثله ولم يحصل لهم شيء وهذا وجه لأصحاب الشافعي والصحيح أن له الثلث لأن حقه فيه مستقر فوجب تسليمه إليه لعدم الفائدة في وقفه كما لو لم يخلف غير المعين ولأنه لو تلف سائر المال لوجب تسليم ثلث المعين إلى الوصي وليس تلف المال سببا لاستحقاق الوصية وتسليمها ولا يمنع نفوذ الوصية في الثلث المستقر وإن لم ينتفع الورثة بشيء كما لو أبرأ معسرا من دين عليه وقال مالك يخير الورثة بين دفع العين الموصى بها وبين جعل وصيته بثلث المال لأن الموصي كان له أن يوصي بثلث ماله فعدل إلى المعين وليس له ذلك لأنه يؤدي إلى أن يأخذ الموصى له المعين فينفرد بالتركة على تقدير تلف الباقي قبل وصوله إلى الورثة فيقال للورثة إن رضيتم بذلك وإلا فعودوا إلى ما كان له أن يوصي به وهو الثلث .
ولنا أنه أوصى بما لا يزيد على الثلث لأجنبي فوقع لازما كما لو وصى له بمشاع وما قاله لا يصح لأن جعل حقه في قدر الثلث إشاعة وإبطال لما عينه فلا يجوز إسقاط ما عينه الموصي للموصى له ونقل حقه إلى ما لم يوص به كما لو وصى له بمشاع لم يجز نقله إلى معين وكما لو كان المال كله حاضرا أو غائبا إذا ثبت هذا فإن للموصى له ثلث المعين الحاضر وكلما اقتضى من دينه شيء أو حضر من الغائب شيء فللموصى له بقدر ثلثه من الموصى به كذلك حتى يكمل للموصى له الثلث أو يأخذ المعين كله فلو خلف تسعة عينا وعشرين دينا وابنا ووصى بالتسعة لرجل فللوصي ثلثها ثلاثة وكلما اقتضي من الدين شيء فللوصي ثلثه فإذا اقتضى ثلثه فله من التسعة واحد حتى يقتضي ثمانية عشر فيكمل له التسعة وإن جحد الغريم أو مات أو يئس من استيفاء الدين أخذ الورثة الستة الباقية من العين ولو كان الدين تسعة فإن الابن يأخذ ثلث العين ويأخذ الوصي ثلثها ويبقى ثلثها موقوفا كلما استوفي من الدين شيء فللوصي من العين قدر ثلثه فإذا استوفى الدين كله كمل للموصى له ستة وهي ثلث الجميع وإن كانت الوصية بنصف العين أخذ الوصي ثلثها وأخذ الابن نصفها وبقي سدسها موقوفا فمتى اقتضى من الدين مثليه كملت الوصية .
فصل : فإن كان الدين مثل العين فوصى لرجل بثلثه فلا شيء له قبل استيفاء الوصية فكلما اقتضى منه شيء فله ثلثه وللابن ثلثاه وهذا أحد قولي الشافعي وقال في الآخر هو أحق بما يخرج من الدين حتى يستوفي وصيته وهذا قول أهل العراق لأن ذلك يخرج من ثلث المال الحاضر .
ولنا أن الورثة شركاؤه في الدين وليس معهم شركة في العين فلا يختص بم خرج منه دونهم كما لو كان شريكه في الدين وصيا آخر أو كما لو وصى لرجل بالعين وله ولآخر بالدين فإن المنفرد بوصية الدين لا يختص بما خرج منه له دون صاحبه كذا ههنا .
فصل : ولو وصى لرجل بثلث ماله وله مائتان دينا وعبد يساوي مائة ووصى لآخر بثلث العبد اقتسما ثلث العبد نصفين وكلما اقتضي من الدين شيء فللموصى له بثلث المال ربعه وله وللآخر من العبد بقدر ربع ما استوفي بينهما نصفين فإذا استوفى الدين كله كمل للوصين نصف العبد ولصاحب الثلث ربع المائتين وذلك هو ثلث المال وإن استوفي الدين قبل القسمة قسمنا بينهما كذلك للموصى له بالثلث ربع المائتين وربع العبد وللموصى له بثلث العبد ربعه لأن الوصيتين أربعة أتساع المال والجائز منهما ثلث المال وهو ثلاثة أتساع وذلك ثلاثة أرباع وصيتهما فرددنا كل واحد منهما إلى ثلاثة أرباع وصيته وهي ربع المال كله لصاحب ثلثه وربع العبد لصاحب ثلثه وفي المسألة أقوال سوى ما قلناه تركناها لطولها وهذا أسدها إن شاء الله إلا أننا أدخلنا النقص على كل واحد منهما بقدر ما له في الوصية وكملنا لهما الثلث وإن أجيز لهما أخذ كل واحد منهما ما بقي من وصيته وهو ربعها فيكمل ثلث المال لصاحبه وثلث العبد للآخر