فصول : صحة الوصية بطبل الحرب والقوس والعود .
فصل : وإن وصى له بطبل حرب صحت الوصية به لأن فيه منفعة مباحة وإن كان بطبل لهو لم تصح لعدم المنفعة المباحة به وإن كان مع ذلك إذا فصل صلح للحرب لم تصح الوصية به أيضا لأن منفعته في الحال معدومة فإن كان يصلح لهما جميعا صحت الوصية به لأن المنفعة قائمة به وإن وصى له بطبل وأطلق وله طبلان تصح الوصية بأحدهما دون الآخر انصرفت الوصية إلى ما تصح الوصية به وإن كان له طبول تصح الوصية بجميعها فله أخذها بالقرعة أو ما شاء الورثة على اختلاف الروايتين وإن وصى بدف صحت الوصية به لأن النبي A قال : [ اعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف ] ولا تصح الوصية بمزمار ولا طنبور ولا عود من عيدان اللهو لأنها محرمة سواء كانت فيه الأوتار أو لم تكن لأنه مهيأ لفعل المعصية دون غيرها فأشبه ما لو كانت فيه الأوتار .
فصل : ولو أوصى له بقوس صحت الوصية فإن فيه منفعة مباحة سواء كان قوس نشاب وهو الفارسي أو نبل وهو العربي أو قوس يمجرى أو قوس زنبور أو جوخ أو ندف أو بندق فإن لم يكن له إلا قوس واحد من هذه القسي تعينت الوصية فيه وإن كانت له هذه جميعها وكان في لفظه أو حاله قرينة تصرف إلى أحدها انصرف إليه مثل أن يقول قوسا يندف به أو يتعيش به أو ما أشبه ذلك فهذا يصرفه إلى قوس الندف وإن قال يغزو به خرج من قوس الندف والبندق وإن كان الموصى له ندافا لا عادة له بالرمي أو بندقانيا لا عادة له بالرمي بشيء سواه أو يرمي بقوس لا يرمي بسواه انصرفت الوصية إلى القوس الذي يستعمله عادة لأن ظاهر حال الموصي أنه قصد نفعه بما جرت عادته بالانتفاع به وإن انتفت القرائن فاختار أبو الخطاب أن له واحدا من جميعها بالقرعة أو ما يختاره الورثة لأن اللفظ يتناول جميعها والصحيح أن وصيته لا تتناول قوس الندف ولا البندق ولا العربية في بلد لا عادة لهم بالرمي بها وهذا مذهب الشافعي إلا أنه لا يذكر العربية ويكون له واحد مما عدا هذه لأن هذه لا يطلق عليها اسم القوس في العادة بين غير أهلها حتى يصفها فيقول : قوس القطن أو الندف أو قوس البندق وأما العربية فلا يتعارفها غير طائفة من العرب فلا يخطر ببال الموصي غالبا ويعطى القوس معمولة بها لأنها لا تسمى قوسا إلا كذلك ولا يستحق وترها لأن الاسم يقع عليها دونه وفيه وجه آخر أنه يعطاها بوترها لأنها لا ينتفع بها إلا به فكان كجزء من أجزائها .
فصل : وإن وصى له بعود وله عود لهو وغيره لم تصح الوصية لأن إطلاقها ينصرف إلى عود اللهو ولا تصلح الوصية به لعدم النفع المباح فيه وإن لم يكن له إلا عيدان قسي أو عود يتبحر به أو غيره من العيدان المباحة صحت الوصية وانصرفت إليها لعدم غيرها وتعينها مع إباحتها وإن وصى له بجرة فيها خمر صحت الوصية بالجرة وبطلت في الخمر لأن في الجرة نفعا مباحا والخمر لا نفع فيه مباح فصحت الوصية بما فيه المنفعة المباحة كما لو وصى له بخمر وخل وإن وصى له بخمر في جرة لم تصح لأن الذي أضاف الوصية إليه الخمر ولا تصح الوصية به