مسألة وفصل : جعل أمين مع الوصي إذا كان خائنا .
مسألة : قال : وإذا كان الوصي خائنا جعل معه أمين .
ظاهر هذا صحة الوصية في الفاسق ويضم إليه أمين وكذلك إن كان عدلا فتغيرت حاله إلى الخيانة لم يخرج منها ويضم إليه أمين ونقل ابن منصور عن أحمد نحو ذلك قال إذا كان الوصي متهما لم يخرج من يده ونقل المروذي عن أحمد فيمن أوصى إلى رجلين ليس أحدهما بموضع للوصية فقال للآخر أعطني لا يعطيه شيئا ليس هذا بموضع للوصية فقيل له أليس المريض قد رضي به ؟ فقال : وإن رضي به فظاهر هذا إبطال الوصية إليه وحمل القاضي كلام الخرقي وكلام أحمد في إبقائه في الوصية على أن خيانته طرأت بعد الموت فأما إن كانت خيانته موجودة حال الوصية إليه لم تصح لأنه لا يجوز تولية الخائن على يتيم في حياته فكذلك بعد موته ولأن الوصية ولاية وأمانة والفاسق ليس من أهلهما فعلى هذا إذا كان الوصي فاسقا فحكمه حكم من لا وصي له وينظر في ماله الحاكم وإن طرأ فسقه بعد الوصية زالت ولايته وأقام الحاكم مقامه أمينا هذا اختيار القاضي وهو قول الثوري و الشافعي و إسحاق وعلى قول الخرقي لا تزول ولايته ويضم إليه أمين ينظر معه وروي ذلك عن الحسن و ابن سيرين لأنه أمكن حفظ المال بالأمين وتحصيل نظر الوصي بإبقائه في الوصية فيكون جمعا بين الحقين وإن لم يمكن حفظ المال بالأمين تعين إزالة يد الفاسق الخائن وقطع تصرفه لأن حفظ المال على اليتيم أولى من رعاية قول الموصي الفاسد .
وأما تلفريق بين الفسق الطارئ وبين المقارن فبعيد الشروط تعتبر في الدوام كاعتبارها في الابتداء سيما إذا كانت لمعنى يحتاج إليه في الدوام ولو لم يكن بد من التفريق لكان اعتبار العدالة في الدوام أولى من قبل أن الفسق إذا كان موجودا حال الوصية فقد رضي به الموصي مع علمه بحاله وأوصى إليه راضيا بتصرفه مع فسقه فيشعر ذلك بأنه علم أن عنده من الشفقة على اليتيم ما يمنعه من التفريط فيه وخيانته في ماله بخلاف ما إذا طرأ الفسق فإنه لم يرض به على تلك الحال والاعتبار برضاه ألا ترى أنه لو أوصى إلى واحد جاز له التصرف وحده ولو وصى إلى اثنين لم يجز للواحد التصرف .
فصل : وأما العدل الذي يعجز عن النظر لعلة أو ضعف فإن الوصية تصح إليه ويضم إليه الحاكم أمينا ولا يزيل يده عن المال ولا نظره لأن الضعيف أهل للولاية والأمانة فصحت الوصية إليه وهكذا إن كان قويا فحدث فيه ضعف أو علة ضم الحاكم إليه يدا أخرى ويكون الأول هو الوصي دون الثاني وهذا معاون لأن ولاية الحاكم إنما تكون عند عدم الوصي وهذا قول الشافعي و أبي يوسف ولا أعلم لهما مخالفا