مسألة وفصول : من أوصى بشراء عبد وفروع .
مسألة : قال : وإذا أوصى أن يشتري عبد زيد بخمسمائة فيعتق فلم يبعه سيده فالخمسمائة للورثة وإن اشتروه بأقل فما فضل فهو للورثة .
أما إذا تعذر شراؤه إما لامتناع سيده من بيعه أو من بيعه بالخمسمائة وإما لموته أو لعجز الثلث عن ثمنه فالثمن للورثة لأن الوصية بطلت لتعذر العمل بها فأشبه ما لو وصى لرجل فمات قبل موت الموصي أو بعده ولم يدع وارثا ولا يلزمهم شراء عبد آخر لأن الوصية لمعين فلا تصرف إلى غيره وأما إن اشتروه بأقل فالباقي للورثة وقال الثوري يدفع جميع الثمن إلى سيد العبد لأنه قصد إرفاقه بالثمن ومحاباته به فأشبه ما لو قال بيعوه عبدي بخمسمائة وقيمته أكثر منها وكما لو أوصى أن يحج عنه فلأن حجة بخمسمائة وقال إسحاق يجعل بقيمة الثمن في العتق كما لو أوصى أن يحج عنه بخمسمائة رد ما فضل في الحج .
ولنا أنه أمر بشرائه بخمسمائة فكان ما فضل من الثمن راجعا إليه كما لو وكل في شرائه في حياته وفارق ما إذا أوصى أن يحج عنه رجل بخمسمائة لأن القصد ثم إرفاق الذي يحج بالفضلة وفي مسألتنا المقصود العتق ويفارق ما إذا أوصى أن يحج عنه بخمسمائة لغير معين لأن الوصية ثم للحج مطلقا فصرف جميعها فيه وههنا لمعين فلا تتعداه وقوله إنه قصد إرفاق زيد بالثمن ومحاباته به فنقول الصحيح أنه إن كانت ثم قرينة تدل على ذلك إما لكون البائع صديقا له أو ذا حاجة أو من أهل الفضل الذين يقصدون بهذا أو عين هذا الثمن وهو يعلم حصول العبد بدونه لقلة قيمته فإنه يدفع جميع الثمن إلى زيد كما لو صرح بذلك فقال وادفعوا إليه جميعها وإن بذله بدونها وإن انعدمت هذه القرائن فالظاهر أنه إنما قصد العتق وقد حصل فكان الفاضل عائدا إليه كما لو أمره بالشراء في حياته .
فصل : وإن وصى أن يشترى عبد بألف فيعتق عنه فلم يخرج من ثلثه اشتري عبد بما يخرج من الثلث وبه قال الشافعي Bه وقال أبو حنيفة تبطل الوصية لأنه أمر بشراء عبد بألف فلا يجوز للمأمور الشراء بدونه كالوكيل .
ولنا أنها وصية يجب تنفيذها إذا احتملها الثلث فإذا لم يحتملها وجب تنفيذها فيما حمله كما لو وصى بعتق عبده يحمله الثلث وفارق الوكالة فإنه لو وكله في إعتاق عبد لم يملك اعتاق بعضه ولو أوصى بإعتاق عبد لأعتق منه ما يحتمله الثلث فإما إن حمله الثلث فاشتراه وأعتقه ثم ظهر على الميت دين يستغرق المال فالوصية باطلة ويرد العبد إلى الرق إن كان اشتراه بعين المال لأننا تبينا أن الشراء باطل بكونه اشترى بمال مستحق للغرماء بغير إذنهم وإن كان الشراء في الذمة صح الشراء ونفذ العتق وعلى المشتري غرامة ثمنه ولا يرجع به على أحد لأن البائع ما غره إنما غره الموصي ولا تركة له فيرجع عليها وهذا مذهب الشافعي ويحتمل أن يشارك الغرماء في التركة ويضرب معهم بقدر دينه لأن الدين لزمه بتغرير الموصى فيرجع به عليه فإذا كان ميتا لزمه في تركه كأرش جنايته .
فصل : وإن وصى بشراء عبد وأطلق أو وصى ببيع عبده وأطلق فالوصية باطلة لأن الوصية لا بد لها من مستحق ولا مستحق ههنا وإن وصى ببيعه بشرط العتق صحت الوصية وبيع كذلك لأن في البيع ههنا نفعا للعبد بالعتق فإن لم يوجد من يشتريه كذلك بطلت الوصية لتعذرها كما لو وصى بشراء عبد ليعتق فلم يبعه سيده وإن وصى ببيعه لرجل بعينه بثمن معلوم بيع به لأنه قد قصد إرفاقه بذلك في الغالب وإن لم يسم ثمنا بيع بقيمته وتصح الوصية لكونه قصد إيصال العبد بعينه إلى رجل بعينه فيحتمل أن يتعلق الغرض بإرفاق العبد بإيصاله إلى من هو معروف بحسن الملكة وإعتاق الرقاب ويحتمل أن يريد إرفاق المشتري لمعنى يحصل له من العبد فإن تعذر بيعه لذلك الرجل أو أبي أن يشتريه بالثمن أو بقيمته إن لم يعين الثمن بطلت الوصية لما ذكرنا .
مسألة : قال : وإذا أوصى لرجل بعبد لا يملك غيره وقيمته مائة ولآخر بثلث ماله وملكه غير العبد مائتا درهم فأجاز الورثة ذلك لمن أوصى له بالثلث ثلث المائتين وربع العبد ولمن أوصي له بالعبد ثلاثة أرباعه وإن لم يجز الورثة ذلك فلمن أوصى له بالثلث سدس المائتين وسدس العبد لأن وصيته في الجميع ولمن أوصى له بالعبد نصفه لأن وصيته في الجميع ولمن أوصى له بالعبد نصفه لأن وصيته في العبد .
وجملته أنه إذا أوصى لرجل بمعين من ماله ولآخر بجزء مشاع منه كثلث المال وربعه فأجيز لهما انفرد صاحب المشاع بوصيته من غير المعين ثم شارك صاحب المعين فيه فيقتسمانه بينهما على قدر حقيهما فيه ويدخل النقص على كل واحد منهما بقدر ماله في الوصية كمسائل العول وكما لو أوصى لرجل بماله ولآخر بجزء منه فأما في حال الرد فإن كانت وصيتهما لا تجاوز الثلث مثل أن يوصي لرجل بسدس ماله ولآخر بمعين قيمته سدس المال فهي كحال الإجازة سواء إذ لا أثر للرد وإن جاوزت ثلثه رددنا وصيتهما إلى الثلث وقسمناه بينهما على قدر وصيتهما إلا أن صاحب المعين يأخذ نصيبه من المعين والآخر يأخذ حقه من جميع المال هذا هو قول الخرقي وسائر الأصحاب ويقوى عندي أنهما في حال الرد يقتسمان الثلث على حسب مالهما في الإجازة وهذا قول ابن أبي ليلى وقال أبو حنيفة و مالك في الرد يأخذ صاحب المعين نصيبه منه ويضم الآخر سهامه إلى سهام الورثة ويقتسمون الباقي على خمسة في مثل مسألة الخرقي لأن له السدس وللورثة أربعة أسداس وهو مثل قول الخرقي إلا أن الخرقي يعطيه السدس من جميع المال وعندهما أنه يأخذ خمس المائتين وعشر العبد واتفقوا على أن كل واحد من الوصيين يرجع إلى نصف وصيته لأن كل واحد منهما قد أوصي له بثلث المال وقد رجعت الوصيتان إلى الثلث وهو نصف الوصيتين فيرجع كل واحد إلى نصف وصيته ويدخل النقص على كل واحد منهما بقدر ما له في الوصية وفي قول الخرقي رحمة الله عليه يأخذ كل واحد منهما نصف وصيته من المحل الذي وصى له منه وصاحب الثلث يأخذ سدس الجميع لأنه وصي له بثلث الجميع وأما على قولنا فإن وصية صاحب العبد دون وصية صاحب الثلث لأنه وصى له بشيء شرك معه غيره فيه كله وصاحب الثلث أفرده بشيء لم يشاركه فيه غيره فوجب أن يقسم بينهما الثلث حالة الرد على حسب مالهما في حال الإجازة كما في سائر الوصايا ففي مسألتنا هذه لصاحب الثلث ثلث المائتين ستة وستون وثلثان لا يزاحمه الآخر فيها ويشتركان في العبد لهذا ثلثه وللآخر جميعه فأبسطه من جنس الكسر وهو الثلث يصير العبد ثلاثة واضمم إليها الثلث الذي للآخر يصير أربعة ثم اقسم العبد على أربعة أسهم يصير الثلث ربعا كما في مسائل العول وفي حال الرد ترد وصيتهما إلى ثلث المال وهو نصف وصيتهما فيرجع كل واحد إلى نصف وصيته فيرجع صاحب الثلث إلى سدس الجميع ويرجع صاحب العبد إلى نصفه وفي قولنا يضرب مخرج الثلث في مخرج الربع يكن اثنا عشر ثم في ثلاثة تكن ستة وثلاثين فلصاحب الثلث ثلث المائتين وهو ثمانية من أربعين وربع العبد وهو ثلاثة أسهم صار له أحد عشر ولصاحب العبد ثلاثة أرباعه وذلك تسعة أسهم فيضمها إلى سهام صاحب الثلث صار الجميع عشرين سهما ففي حال الرد نجعل الثلث عشرين سهما والمال كله ستون فلصاحب العبد تسعة من العبد وهو ربعه وخمسه ولصاحب الثلث ثمانية من الأربعين وهي خمسها وثلاثة من العبد وذلك عشره ونصف عشره وإن كانت وصية صاحب المشاع بالنصف فله في حال الإجازة مائة وثلث العبد ولصاحب العبد ثلثاه وفي الرد لصاحب المشاع خمس المائتين وخمس العبد ولصاحب العبد خمساه وعلى الوجه الآخر لصاحب المشاع ربع المائتين وسدس العبد ولصاحب العبد ثلثه وطريقها أن تنسب الثلث إلى ما حصل لهما في الإجازة ثم تعطي كل واحد مما حصل له في الإجازة مثل تلك النسبة وعلى الوجه الأول تنسب الثلث إلى وصيتهما ثم تعطي كل واحد في الرد مثل الخارج بالنسبة وبيانه في هذه المسألة أن نسبة الثلث إلى وصيتهما بالخمسين لأن النصف والثلث خمسة من ستة فالثلث خمساها فلصاحب العبد خمسا العبد لأنه وصيته ولصاحب النصف الخمس لأنه خمسا وصيته وعلى الوجه الآخر قد حصل لهما في الإجازة الثلثان ونسبة الثلث إليهما بالنصف فلكل واحد منهما مما حصل له في الإجازة نصفه وقد كان لصاحب المشاع من المائتين نصفها فله ربعها وكان له من العبد ثلثه فصار له سدسه وكان لصاحب العبد ثلثاه فصار له ثلثه وإن كانت المسألة بحالها وملكه غير العبد ثلاثمائة ففي الإجازة لصاحب المشاع مائة وخمسون وثلث العبد ولصاحب العبد أربعة أتساعه على الوجه الأول وعلى الوجه الثاني لصاحب العبد أربعة وسدسه وللآخر ثمنه ونصف سدسه ومن المال ثمانون وهي ربعها وسدس عشرها وإن وصى لرجل بجميع ماله ولآخر بالعبد ففي الإجازة لصاحب العبد نصفه والباقي كله وللآخر وفي الرد يقسم الثلث بينهما على خمسة لصاحب العبد خمسه وهو ربع العبد وسدس عشره وللآخر أربعة أخماسه فله من العبد مثل ما حصل لصاحبه ومن كل مائة مثل ذلك وهو ثمانون دينارا ولو خلف عبدا قيمته مائة ومائتين ووصى لرجل بمائة وبالعبد كله ووصى بالعبد لآخر ففي حال الإجازة يقسم العبد بينهما نصفين وينفرد صاحب الثلث بثلث الباقي وفي الرد للموصى له بالعبد ثلثه وللآخر ثلثه وثلث المائة وعلى الوجه الآخر لصاحب العبد ربعه وللآخر ربعه ونصف المائة يرجع كل واحد منهما إلى نصف وصيته فإن لم تزد الوصيتان على الثلث كرجل خلف خمسمائة وعبدا قيمته مائة ووصى لرجل بسدس ماله ولآخر بالعبد فلا أثر للرد ههنا ويأخذ صاحب المشاع سدس المال وسبع العبد والآخر ستة أسباعه وإن وصى لصاحب المشاع بخمس المال فله مائة وسدس العبد ولصاحب العبد خمسة أسداسه ولا أثر للرد أيضا لأن الوصيتين لم يخرج بهما من المال أكثر من ثلثه