مسألة وفصلان : الوصية بكل المال ولا عطية له جائزة .
مسألة : قال : ومن أوصى بكل ماله ولا عصبة له ولا مولى له فجائز وقد روى عن أبي عبد الله C رواية أخرى لا يجوز إلا الثلث .
اختلفت الرواية عن أحمد C في من لم يخلف من وراثه عصبة ولا ذا فرض فروي عنه أن وصيته جائزة بكل ماله ثبت هذا عن ابن مسعود وبه قال عبيدة السلماني و مسروق و إسحاق وأهل العراق والرواية الأخرى لا يجوز إلا الثلث وبه قال مالك و الأوزاعي و ابن شبرمة و الشافعي و العنبري لأن له من يعقل عنه فلم تنفذ وصيته في أكثر من ثلثه كما لو ترك وارثا .
ولنا أن المنع من الزيادة على الثلث إنما كان لتعلق حق الورثة بدليل قول النبي A : [ إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس ] وها هنا لا وارث له يتعلق حق بماله فأشبه حال الصحة ولأنه لم يتعلق بماله حق وارث ولا غريم أشبه حال الصحة أو أشبه الثلث .
فصل : وإن خلف ذا فرض لا يرث المال كله كبنت أو أم لم يكن له الوصية بأكثر من الثلث لأن سعدا قال للنبي A : لا يرثني إلا ابنتي فمنعه النبي A من الزيادة على الثلث ولأنها تستحق جميع المال بالفرض فأشبهت العصبة وإن كان لها زوج أو للرجل امرأة فكذلك لأن الوصية تنقص حقه لأنه إنما يستحق فرضه بعد الوصية لقوله تعالى : { من بعد وصية يوصى بها أو دين } فأما ذو الأرحام فظاهر كلام الخرقي أنه لا يمنع الوصية بجميع المال لقوله ولا عصبة له ولا مولى له وذلك لأن ذا الرحم ارثه كالفضلة والصلة ولذلك لا يصرف إليه شيء إلا عند عدم الرد والمولى لا تجب نفقته ويحتمل أن لا تنفذ وصيته بأكثر من ثلثه لأن له وارثا فيدخل في معنى قوله عليه السلام : [ إنك إن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس ] ولأنهم ورثة يستحقون ماله بعد موته وصلته لهم في حياته فأشبهوا ذوي الفروض والعصبات وتقديم غيرهم عليهم لا يمنع مساواتهم لهم في مسألتنا كذوي الفروض الذين يحجب بعضهم بعضا والعصبات .
فصل : فإن خلف ذا فرض لا يرث المال كله وقال أوصيت لفلان بثلثي على أنه لا ينقص ذا الفرض شيئا من فرضه أو خلف امرأة وقال أوصيت لك بما فضل من المال عن فرضها صح في المسألة الأولى لأن ذا الفرض يرث المال كله لولا الوصية فلا فرق في الوصية بين أن يجعلها من رأس المال أو من الزائد على الفرض وأما المسألة الثانية : فتنبني على الوصية بجميع المال فإن قلنا تصح ثم صحت ها هنا لأن الباقي عن فرض الزوجة مال لا وارث له فصحت الوصية به كما لو تكن زوجة وإن قلنا لا تصح ثم ها هنا مثله لأن بيت المال جعل كوارث فصار كأنه ذو ورثة يستغرقون المال إذا عين الوصية من نصيب العصبة منهم فعلى هذا يعطى الموصى له الثلث من رأس المال ويسقط تخصيصه