فصول : ألفاظ الجموع والأيامى والأرامل والجماعة .
فصل : وألفاظ الجموع على أربعة اضرب أحدها : ما يشمل الذكر والأنثى بوضعه كالأولاد والذرية والعالمين وشبهه والثاني : موضوع للذكور ويدخل فيه الإناث إذا اجتمعوا كلفظ المسلمين والمؤمنين والقانتين والصابرين والصادقين واللذين والمشركين والفاسقين ونحوه وكذلك ضمير المذكر كالواو في قاموا والتاء والميم في قمتم وهم مفردة وموصولة والكاف والميم في لكم وعليكم ونحوه فهذا متى اجتمع الذكور وعليه الإناث وغلب لفظ التذكير فيه ودخل فيه الذكر والأنثى الثالث : ضرب يختص الذكور كالبنين والذكور والرجال والغلمان فلا يدخل فيه إلا الذكور الرابع : لفظ يختص النساء كالنساء والبنات والمؤمنات والصادقات والضمائر الموضوعة لهن فلا يتناول غير الإناث .
فصل : وإن وصى للأرامل فهو للنساء اللاتي فارقهن أزواجهن بموت أو غيره قال أحمد في رواية حرب وقد سئل عن رجل أوصى لأرامل بني فلان فقال قد اختلف الناس فيها فقال قوم هو للرجال والنساء والذي يعرف في كلام الناس أن الأرامل النساء وقال الشعبي و إسحاق هو للرجال والنساء وأنشد أحدهما .
( هذي الأرامل قد قضيت حاجتها ... فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر ؟ ) .
وقال الآخر .
( أحب أن أصطاد ظبيا سحبلا ... رعى الربيع والشتاء أرملا ) .
ولنا أن المعروف في كلام الناس أنه النساء فلا يحمل لفظ الموصي إلا عليه ولأن الأرامل جمع أرملة فلا يكون جمعا للمذكر لأن ما يختلف لفظ الذكر والأنثى في واحدة يختلف في جمعه وقد أنكر ابن الأنباري على قائل القول الآخر وخطأه فيه والشعر الذي احتج به حجة عليه فإنه لو كان لفظ الأرامل يشمل الذكر والأنثى لقال حاجتهم إذ لا خلاف بين أهل اللسان في أن اللفظ متى كان للذكر والأنثى ثم رد عليه ضمير غلب فيه لفظ التذكير وضميره فلما رد الضمير على الإناث علم أنه موضوع لهن على الإنفراد وسمى نفسه أرملا تجوزا تشبيها بهن ولذلك وصف نفسه بأنه ذكر ويدل على إرادة المجاز أن اللفظ عند إطلاقه لا يفهم منه إلا النساء ولا يسمى به في العرف غيرهن وهذا دليل على أنه لم يوضع لغيرهن ثم لو ثبت أنه في الحقيقة للرجال والنساء لكن قد خص به أهل العرف النساء وهجرت به الحقيقة حتى صارت مغمورة لا تفهم من لفظ المتكلم ولا يتعلق بها حكم كسائر الألفاظ العرفية .
فصل : فأما لفظ الأيامى فهو كالأرامل إلا أنه لكل امرأة لا زوج لها قال الله تعالى : { وأنكحوا الأيامى منكم } وفي بعض الحديث [ أعوذ بالله من بوار الأيم ] وقال أصحابنا : هو للرجال والنساء الذين لا أزواج لهم لما روي عن سعيد بن المسيب قال : آمت حفصة بنت عمر من زوجها وآم عثمان من رقية وقال الشاعر : .
( فإن تنكحي انكح وإن تتأيمي ... وإن كنت أفتى منكم أتأيم ) .
ولنا أن العرف يخص النساء بهذا الإسم والحكم للإسم العرفي وقول النبي A : [ أعوذ بالله من بوار الأيم ] إنما أراد به المرأة فإنها التي توصف بهذا ويضر بوارها .
فصل : والعزاب هم الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء يقال رجل عزب وامرأة عزبة وإنما سمي عزبا لانفراده وكل شيء انفرد فهو عزب قال ذو الرمة يصف ثورا من الوحش انفرد : .
( يجلو البوارق عن مجلمز لهق ... كأنه منقبي يلمق عزب ) .
ويحتمل أن يختص العزب بالرجال لأنه في العرف كذلك والثيب والبكر يشترك فيه الرجل والمرأة قال النبي A : [ البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب الجلد والرجم ] والعانس من الرجال والنساء الذي كبر ولم يتزوج قال قيس بن رفاعة الواقفي : .
( فينا الذي هو ما إن طر شاربه ... والعانسون وفينا المرد والشيب ) .
والكهول الذين جاوزوا الثلاثين قال الله تعالى : { ويكلم الناس في المهد وكهلا } قال المفسرون ابن ثلاثين مأخوذ من قولهم اكتهل النبات إذا تم وقوي ثم لا يزال كهلا حتى يبلغ خمسين ثم يشيخ ثم لا يزال شيخا حتى يموت