مسألة وفصول : حكم ما إذا لم يجز الورثة الوصية وفروع في الإجازة والرد .
مسألة : قال : وإذا أوصى لزيد بنصف ماله ولعمرو بربع ماله ولم يجز ذلك الورثة فالثلث بينهما على ثلاثة أسهم : لعمرو سهم ولزيد سهمان .
وجملته أنه إذا أوصى بأجزاء من المال أخذتها من مخرجها وقسمت الباقي على الورثة وإن لم يجيزوا قسمت الثلث بين الأوصياء على قدر سهامهم في حال الإجازة وقسمت الثلثين على الورثة ولا فرق بين أن يكون الموصى لهم من تجاوز وصيته الثلث أو لا هذا قول الجمهور منهم الحسن و النخعي و مالك و ابن أبي ليلى و الثوري و الشافعي و إسحاق و أبي يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة و أبو ثور و ابن المنذر : لا يضرب الموصى له في حال الرد بأكثر من الثلث لأن ما جاوز الثلث باطل فكيف يضرب به ؟ .
ولنا أنه فاضل بينهما في الوصية فلم تجز التسوية كما لو وصى بثلث وربع أو بمائة ومائتين وماله أبعمائة وهذا يبطل ما ذكروه ولأنها وصية صحيحة ضاق عنها الثلث فتقسم بينهم على قدر الوصايا كالثلث والربع وليس الأمر على ما قالوه في بطلان الوصية فإن الوصية صحيحة على ما ذكرناه فيما مضى فعلى هذا إذا أوصى لزيد بنصف ماله ولعمرو بربعه فللموصى لهما ثلاثة أرباع المال إن أجاز الورثة ويبقى لهم الربع وإن ردوا فالثلث بين الوصيين على ثلاثة والمسألة كلها من تسعة وإن أجازوا لأحدهما دون صاحبه ضربت مسألة الرد في مسألة الإجازة وأعطيت المجاز له سهمه من مسألة الإجازة في مسألة الرد والمردود عليه سهمه من مسألة الرد مضروبا في مسألة الإجازة وإن أجاز بعض الورثة لهما ورد الباقون عليهما أعطيت المجيز سهمه من مسألة الإجازة في مسألة الرد ومن لم يجز سهمه من مسألة الرد مضروبا في مسألة الإجازة وقسمت الباقي بين الوصيين على ثلاثة وإن اتفقت المسألتان ضربت وفق إحداهما في الأخرى ومن له سهم من إحدى المسألتين مضروب في وفق الأخرى وإن دخلت إحدى المسألتين في الأخرى اجتزأت بأكثرهما ففي مسألة الخرقي هذه إذا كان الورثة أما وثلاث أخوات متفرقات فأجازوا فالمسألة من أربعة : للوصيين ثلاثة يبقى سهم على ستة تضربها في أربعة تكن أربعة وعشرين وإن ردوا فللوصيين الثلث ثلاثة ويبقى ستة على المسألة وهي ستة وتصح من تسعة وإن أجازوا لصاحب النصف وحده ضربت وفق التسعة في أربعة وعشرين تكن اثنين وسبعين لصاحب النصف وحده ضربت وفق التسعة في أربعة وعشرين تكن اثنين وسبعين لصاحب النصف اثنا عشر في ثلاثة ستة وثلاثون وللآخر سهم في ثمانية ثمانية يبقى ثمانية وعشرون للورثة وإن أجازت الأم لهما ورد الباقون عليهما أعطيت الأم سهما في ثلاثة والباقين خمسة أسهم في ثمانية صار الجميع ثلاثة وأربعين يبقى تسعة وعشرون بين الوصيين على ثلاثة وإن أجازت الأخت من الأبوين وحدها فلها تسعة والباقي الورثة أربعة وعشرون ويبقى تسعة وثلاثون لهما على ثلاثة لصاحب النصف ستة وعشرون وللآخر ثلاثة عشر .
فصل : إذا جاوزت الوصايا المال فاقسم المال بينهم على قدر وصاياهم مثل العول واجعل وصاياهم كالفروض التي فرضها الله تعالى للورثة إذا زادت على المال وإن ردوا قسمت الثلث بينهم على تلك السهام وهذا قول النخعي و مالك و الشافعي قال سعيد بن منصور ثنا أبو معاوية ثنا عاصم الثقفي قال : قال لي إبراهيم النخعي ما تقول في رجل أوصى بنصف ماله وثلث ماله وربع ماله ؟ قلت لا يجوز قال : فإنهم قد أجازوا قلت لا أدري ؟ قال : امسك اثني عشر : فأخرج نصفها ستة وثلثها أربعة وربعها ثلاثة فاقسم المال على ثلاثة عشر فلصاحب النصف ستة ولصاحب الثلث أربعة ولصاحب الربع ثلاثة وكان أبو حنيفة يقول : يأخذ أكثرهم وصية مما يفضل به على من دونه ثم يقتسمون الباقي إن أجازوا وفي الرد لا يضرب لأحدهم بأكثر من الثلث وإن نقص بعضهم عن الثلث أخذ أكثرهم ما يفضل به على من دونه ومثال ذلك رجل أوصى بثلثي ماله ونصفه وثلثه فالمال بينهم على تسعة في الإجازة والثلث بينهم كذلك في الرد كمسألة فيها زوج وأختان لأب وأختان لأم وقال أبو حنيفة : صاحب الثلثين يفضلهما بسدس فيأخذه وهو وصاحب النصف يفضلان صاحب الثلث بسدس فيأخذانه بينهما نصفين ويقتسمون الباقي بينهم أثلاثا وتصح من ستة وثلاثين : لصاحب الثلثين سبعة عشر ولصاحب النصف أحد عشر ولصاحب الثلث ثمانية وإن ردوا قسم بينهم على ثلاثة ولو أوصى لرجل بجميع ماله ولآخر بثلثه فالمال بينهما على أربعة إن أجازوا والثلث بينهما كذلك في حال الرد وعند أبي حنيفة إن أجازوا فلصاحب المال الثلثان يتفرد بهما ويقاسم صاحب الثلث فيحصل له خمسة أسداس ولصاحب الثلث السدس وإن ردوا اقتسما الثلث نصفين فلا يحصل لصاحب الثلث إلا السدس في الإجازة والرد جميعا ولو جعل مكان الثلث سدسا لكان لصاحب المال خمسة أسداسه في الإجازة ويقاسم صاحب السدس فيأخذ نصفه ويبقى لصاحب السدس نصفه سهم من اثني عشر وفي الرد يقتسمان الثلث بينهما أثلاثا فيجعل لصاحب السدس التسع سهم من تسعة وذلك أكثر مما حصل له في الإجازة وهذا دليل على فساد هذا القول لزيادة سهم الموصى له في الرد على حالة الإجازة ومتى كان للموصى له حق في حال الرد لا ينبغي أن يتمكن الوارث من تغييره ولا تنقيصه ولا أخذه منه ولا صرفه إلى غيره مع أن ما ذهب إليه الجمهور نظيره مسائل العول في الفرائض والديون على المفلس وما ذكروه لا نظير له مع أن فرض الله تعالى للوارث آكد من فرض الموصي ووصيته ثم إن صاحب الفضل في الفرض المفروض لا ينفرد بفضله فكذا في الوصايا .
فصل : وإذا خلف ابنين وأوصى لرجل بماله كله ولآخر بنصفه فالمال بين الوصيين على ثلاثة إن أجازا لأنك إذا بسطت المال من جنس الكسر كان نصفين فإذا ضممت النصف الآخر صارت ثلاثة فيقسم المال على ثلاثة ويصير النصف ثلثا كمسألة فيها زوج وأم وثلاث أخوات متفرقات فإذا ردوا فالثلث بينهما على ثلاثة وإن أجازوا لصاحب النصف وحده فلصاحب المال التسعان ولصاحب النصف النصف في أحد الوجهين لأنه موصى له به وإنما منعه أخذه في حال الإجازة لهما مزاحمة صاحبه فإذا زالت مزاحمته أخذ جميع وصيته والثاني : ليس له إلا الثلث الذي كان له في حال الإجازة لهما لأن ما زاد على ذلك إنما كان حقا لصاحب المال أخذه الورثة منه بالرد عليه فأخذه الوارثان وإن أجاز لصاحب الكل وحده فله ثمانية أتساع على الوجه الأول والتسع للآخر وعلى الوجه الثاني ليس له إلا الثلثان اللذان كانا له حال الإجازة لهما والتسعان للورثة فإن أجاز أحد الابنين لهما دون الآخر فلا شيء للمجيز وللآخر الثلث والثلثان بين الوصيين على أربعة وإن أجاز أحدهما لصاحب المال وحده فللآخر التسع وللابن الآخر الثلث والباقي لصاحب المال في أحد الوجهين وفي الآخر له أربعة أتساع والتسع الباقي للمجيز وإن أجاز لصاحب النصف وحده دفع إليه نصف ما يتم به النصف وهو تسع ونصف سدس في أحد الوجهين وفي الآخر يدفع إليه التسع فيصير له تسعان ولصاحب المال تسعان وللمجيز تسعان والثلث للذي لم يجز وتصح من تسعة وعلى الوجه الأول تصح من ستة وثلاثين للذي لم يجز اثنا عشر وللمجيز خمسة ولصاحب النصف أحد عشر ولصاحب المال ثمانية وذلك لأن مسألة الرد من تسعة لصاحب النصف منها سهم فلو أجاز له الابنان كان له تمام النصف ثلاثة ونصف فإذا أجاز له أحدهما لزمه نصف ذلك وهو سهم وثلاثة أرباع سهم فيضرب مخرج الربع في تسعة يكن ستة وثلاثين