مسألة وفصلان : امتناع التقاط ما يقوى على الامتناع من صغار السبع وحكم البقر وكونها كالإبل والشاء .
مسألة : قال : ولا يتعرض لبعير ولا لما فيه قوة يمنع عن نفسه : .
وجملة ذلك أن كل حيوان يقوى على الامتناع من صغار السباع وورود الماء لا يجوز التقاطه ولا التعرض له سواء كان لكبر جثته كالإبل والخيل والبقر أو لطيرانه كالطيور كلها أو لسرعته كالظباء والصيود أو بنابه كالكلاب والفهود ؟ وقال عمر Bه من أخذ ضالة فهو ضال أي مخطئ وبهذا قال الشافعي و الأوزاعي و أبو عبيد وقال مالك و الليث في ضالة الإبل من وجدها في القرى عرفها ومن وجدها في الصحراء لا يقربها ورواه المزني عن الشافعي وكان الزهري يقول : من وجد بدنة فليعرفها فإن لم يجد صاحبها فلينحرها قبل أن تنقضي الأيام الثلاثة وقال أبو حنيفة في لفظ يباح التقاطها لأنها لقطة أشبهت الغنم .
ولنا [ قول رسول الله A لما سئل عنها مالك ولها ؟ معها حذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها ] و [ سئل رسول الله A فقيل يا رسول الله إنا نصيب هوامي الإبل قال ضالة المسلم حرق النار ] وروي عن جرير [ عن عبد الله أنه أمر بطرد بقرة لحقت ببقره حتى توارت ] وقال [ سمعت رسول الله A يقول لا يؤوي الضالة إلا ضال ] رواه أبو داود بمعناه وقياسهم يعارض صريح النص وكيف يجوز ترك نص النبي A وصريح قوله بقياس نصه في موضع آخر ؟ على أن الإبل تفارق الغنم لضعفها وقلة صبرها عن الماء .
فصل : فإن كانت الصيود مستوحشة إذا تركت رجعت إلى الصحراء وعجز عنها صاحبها جاز التقاطها لأن تركها أضيع لها من سائر الأموال والمقصود حفظها لصاحبها لا حفظها في نفسها ولو كان المقصود حفظها في أنفسها لما جاز التقاط الأثمان فإن الدينار دينار حيثما كان .
فصل : والبقر كالإبل نص عليه أحمد وهو قول الشافعي و أبي عبيد وحكي عن مالك أن البقرة كالشاة ولنا خبر جرير فإنه طرد البقرة ولم يأخذها ولأنها تمتنع عن صغار السباع وتجزئ في الأضحية والهدي عن سبعة فأشبهت الإبل وكذلك الحكم في الخيل والبغال فأما الحمر فجعلها أصحابنا من هذا القسم الذي لا يجوز التقاطه لأن لها أجساما عظيمة فأشبهت البغال والخيل ولأنها من الدواب فأشبهت البغال والأولى إلحاقها بالشاة لأن النبي A علل الإبل بأن معها حذاءها وسقاءها يريد شدة صبرها عن الماء لكثرة ما توعي في بطونها منه وقوتها على وروده وفي إباحة ضالة الغنم بأنها معرضة لأخذ الذئب إياها بقوله [ هي لك أو لأخيك أو للذئب ] والحمر مساوية للشاة في علتها فإنها لا تمتنع من الذئب ومفارقة للإبل في علتها فإنها لا صبر لها عن الماء ولهذا يضرب المثل بقلة صبرها عنه فيقال ما بقي من مدته إلا ظمأ حمار وإلحاق الشيء بما ساواه في علة الحكم وفارقه في الصورة أولى من إلحاقه بما قاربه في الصورة وفارقه في العلة فأما غير الحيوان فما كان منه ينحفظ بنفسه كأحجار الطواحين والكبير من الخشب وقدور النحاس فهو كالإبل في تحريم أخذه بل أولى منه لأن الإبل تتعرض في الجملة للتلف إما بالأسد وإما بالجوع والعطش وغير ذلك وهذه بخلاف ذلك ولأن هذه لا تكاد تضيع عن صاحبها ولا تبرح من مكانها بخلاف الحيوان فإذا حرم أخذ الحيوان فهذه أولى