مسألة : قال : فإذا جاء ربها فوصفها له دفعت إليه بلا بينة .
مسألة : قال : فإن جاء ربها فوصفها له دفعت إليه بلا بينة : .
يعني إذا وصفها بصفاتها المذكورة دفعها إليه سواء غلب على ظنه صدقه أو لم يغلب وبهذا قال مالك و أبو عبيد و داود و ابن المنذر وقال أبو حنيفة و الشافعي لا يجبر على ذلك إلا ببينة ولا يجوز له دفعها إليه إذا غلب على ظنه صدقه قال أصحاب الرأي : إن شاء دفعها إليه وأخذ كفيلا بذلك لأن النبي A قال : [ البينة على المدعي ] ولأن صفة المدعي لا يستحق بها كالمغصوب .
ولنا قول النبي A : [ فإن جاءك أحد يخبرك بعددها ووعائها ووكائها فادفعها إليه ] قال ابن المنذر هذا الثابت عن رسول الله A وبه أقول رواه ابن القصار فإن جاء باغيها ووصف عفاصها وعددها فادفعها إليه وفي حديث زيد الذي ذكرناه [ اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة فإن لم تعرف فاستنفقها وإن جاء طالبها يوما من الدهر فأدها إليه ] يعني إذا ذكر صفاتها لأن ذلك هو المذكور في صدر الحديث ولم يذكر البينة في شيء من الحديث ولو كانت شرطا للدفع لم يجز الإخلال به ولا أمر بالدفع بدونه ولأن إقامة البينة على اللقطة تتعذر لأنها إنما سقطت حال الغفلة والسهو فتوقف دفعها منع لوصولها إلى صاحبها أبدا وهذا يفوت مقصود الالتقاط ويفضي إلى تضييع أموال الناس وما هذا سبيله يسقط اعتبار البينة فيه كالإنفاق على اليتيم والجمع بين هذا القول وبين تفضيل الالتقاط على تركه متناقض جدا لأن الالتقاط حينئذ يكون تضييعا لمال المسلم يقينا وإتعابا لنفسه بالتعريف الذي لا يفيد والمخاطرة بدينه بتركه الواجب من تعريفها وما هذا سبيله يجب أن يكون حراما فكيف يكون فاضلا وعلى هذا نقول لو لم يجب دفعها بالصفة لم يجز التقاطها لما ذكرناه وقول النبي A : [ البينة على المدعي ] يعني إذا كان ثم منكر لقوله في سياقه [ واليمين على من أنكر ] ولا منكر هاهنا على أن البينة تختلف وقد جعل النبي A بينة مدعي اللقطة وصفها فإذا وصفها فقد أقام بينته وقياس اللقطة على المغصوب غير صحيح فإن النزاع ثم في كونه مغصوبا والأصل عدمه وقول المنكر يعارض دعواه فاحتيج إلى البينة وههنا قد ثبت كون هذا المال لقطة وإن له صاحبا غير من هو في يده ولا مدعي له إلا الواصف وقد ترجح صدقه فينبغي أن يدفع إليه