مسألة : فإن مات ولم يردد الرجوع فقد ثبت لمن وهب .
مسألة : فإن مات ولم يردده فقد ثبت لمن وهب له إذا كان ذلك في صحته .
يعني إذا فاضل بين ولده في العطايا أو خص بعضهم بعطية ثم مات قبل أن يسترده ثبت ذلك للموهوب له ويلزم وليس لبقية الورثة الرجوع هذا المنصوص عن أحمد في رواية محمد بن الحكم و الميمومني وهو اختيار الخلال وصاحبه أبي بكر وبه قال مالك و الشافعي وأصحاب الرأي وأكثر أهل العلم وفيه رواية أخرى عن أحمد أن لسائر الورثة أن يرتجعوا ما وهبه اختاره ابن بطة و أبو حفص العكبريان وهو قول عروة بن الزبير وإسحاق وقال أحمد عروة قد روى الأحاديث الثلاثة حديث عائشة وحديث عمر وحديث عثمان وتركها وذهب إلى حديث النبي A [ يرد في حياة الرجل وبعد موته ] وهذا قول إسحاق إلا أنه قال إذا مات الرجل فهو ميراث بينهم لا يسع أن ينتفع أحد بما أعطي دون إخوته وأخواته لأن النبي A سمى ذلك جورا بقوله [ لا تشهدني على جور ] والجور حرام لا يحل للفاعل فعله ولا للمعطى تناوله والموت لا يغيره عن كونه جورا حراما فيجب رده ولأن أبا بكر وعمر أمرا قيس بن سعد أن يرد قسمة أبيه حين ولد له ولد ولم يكن علم به ولا أعطاه شيئا وكان ذلك بعد موت سعد فروى سعيد بإسناده من طريقين أن سعد بن عبادة قسم ماله بين أولاده وخرج إلى الشام فمات بها ثم ولد بعد ذلك ولد فمشى أبو بكر وعمر Bهما إلى قيس بن سعد فقالا أن سعدا قسم ماله ولم يدر ما يكون وإنا نرى أن ترد هذه القسمة فقال قيس لم أكن لأغير شيئا صنعه سعد ولكن نصيبي له وهذا معنى الخبر ووجه القول الأول قول أبي بكر Bه لعائشة لما نحلها نحلا وددت لو أنك كنت حزتيه فدل على أنها لو كانت حازته لم يكن له الرجوع وكذلك قول عمر لا نحلة إلا نحلة يحوزها الولد دون الوالد ولأنها عطية لولده فلزمت بالموت كما لو انفرد وقوله إذا كان ذلك في صحته يدل على أن عطيته في مرض موته لبعض ورثته لا تنفذ لأن العطايا في مرض الموت بمنزلة الوصية في أنها تعتبر من الثلث إذا كانت لأجنبي إجماعا فكذلك لا تنفذ في حق الوارث قال ابن المنذر أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب حكم الوصايا هذا مذهب المديني و الشافعي والكوفي فإن أعطى أحد بنيه في صحته ثم أعطى الآخر في مرضه فقد توقف أحمد فيه فإنه سئل عمن زوج ابنه فأعطى عنه الصداق ثم مرض الأب وله ابن آخر هل يعطيه في مرضه كما أعطى الآخر في صحته فقال لو كان أعطاه في صحته فيحتمل وجهين أحدهما : لا يصح لأن عطيته في مرضه كوصيته ولو وصى له لم يصح فكذلك إذا أعطاه والثاني : يصح لأن التسوية بينهما واجبة ولا طريق لها في هذا الموضع إلا بعطية الآخر فتكون واجبة فتصح كقضاء دينه