فصول : والأم كالأب في المنع من المفاضلة بين الأولاد والرجوع بالهبة ولا فرق بين الهبة والصدقة .
فصل : والأم في المنع من المفاضلة بين الأولاد كالأب لقول النبي A : [ اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ] ولأنها أحد الوالدين فمنعت التفضيل كالأب ولأن ما يحصل بتخصيص الأب بعض ولده من الحسد والعداوة يوجد مثله في تخصيص الأم بعض ولدها فثبت لها مثل حكمه في ذلك .
فصل : وقول الخرقي : أمر برده يدل على أن للأب الرجوع فيما وهب لولده وهو ظاهر مذهب أحمد سواء قصد برجوعه التسوية بين الأولاد أو لم يرد وهذا مذهب مالك و الأوزاعي و الشافعي و إسحاق و أبي ثور وعن أحمد رواية أخرى ليس له الرجوع فيها وبها قال أصحاب الرأي و الثوري و العنبري لقول النبي A : [ العائد في هبته كالعائد في قيئه ] متفق عليه وعن عمر بن الخطاب Bه قال من وهب هبة يرى أنه أراد بها صلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها ومن وهب هبة أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها رواه مالك في الموطأ ولأنها هبة يحصل بها الأجر من الله تعالى فلم يجز الرجوع فيها كصدقة التطوع .
ولنا قول النبي A لبشير بن سعد فاردده وروي فارجعه رواه كذلك مالك عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن النعمان فأمره بالرجوع في هبته وأقل أحوال الأمر الجواز وقد امتثل بشير بن سعيد في ذلك فرجع في هبته لولده ألا تراه قال في الحديث : فرجع أبي فرد تلك الصدقة وحمل الحديث على أنه لم يكن أعطاه شيئا يخالف ظاهر الحديث لقوله تصدق علي أبي بصدقة وقول بشير إني نحلت ابني غلاما يدل على أنه كان قد أعطاه وقول النبي A فاردده وقوله فارجعه وروى طاوس عن ابن عمر وابن عباس يرفعان الحديث إلى النبي A أنه قال [ ليس لأحد أن يعطي عطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده ] رواه الترمذي وقال حديث حسن وهذا يخص عموم ما رووه ويفسره وقياسهم منقوض بهبة الأجنبي فإن فيها أجرا وثوابا فإن النبي A ندب إليها وعندهم له الرجوع فيها والصدقة على الولد كمسألتنا وقد دل حديث النعمان بن بشير على الرجوع في الصدقة لقوله : تصدق علي أبي بصدقة .
فصل : وظاهر كلام الخرقي أن الأم كالأب في الرجوع في الهبة لأن قوله وإذا فاضل بين أولاده يتناول كل والد ثم قال في سياقه : أمر برده فيدخل فيه الأم وهذا مذهب الشافعي لأنها داخلة في قوله إلا الوالد فيما يعطي ولده ولأنها لما دخلت في قول النبي [ سووا بين أولادكم ] ينبغي أن يتمكن من التسوية والرجوع في الهبة طريق في التسوية وربما تعين طريقا فيها إذا لم يمكن إعطاء الآخر مثل عطية الأول ولأنها لما دخلت في المعنى في حديث بشير بن سعيد فينبغي أن تدخل في جميع مدلوله لقوله فاردده وقوله فارجعه ولأنها لما ساوت الأب في تحريم تفضيل بعض ولدها ينبغي أن تساويه في التمكن من الرجوع فيما فضله به تخليصا لها من الإثم وإزالة للتفضيل المحرم كالأب والمنصوص عن أحمد أنه ليس لها الرجوع قال الأثرم قلت لأبي عبد الله الرجوع للمرأة فيما أعطته ولدها كالرجل ؟ قال ليس هي عندي في هذا كالرجل لأن للأب أن يأخذ من مال ولده والأم لا تأخذ وذكر حديث عائشة : [ أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه ] أي كأنه الرجل قال أصحابنا والحديث حجة لنا فإنه خص الوالد وهو بإطلاقه إنما يتناول الأب دون الأم والفرق بينهما أن للأب ولاية على ولده ويجوز جميع المال في الميراث والأم بخلافه وقال مالك للأم الرجوع في هبة ولدها ما كان أبوه حيا فإن كان ميتا فلا رجوع لها لأنها هبة ليتيم وهبة اليتيم لازمة كصدقة التطوع ومن مذهبه أنه لا يرجع في صدقة التطوع .
فصل : ولا فرق فيما ذكرنا بين الهبة والصدقة وهو قول الشافعي وفرق مالك وأصحاب الرأي بينهما فلم يجيزوا الرجوع في الصدقة بحال واحتجوا بحديث عمر من وهب هبة وأراد بها صلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع .
ولنا حديث النعمان بن بشير فإنه قال تصدق علي أبي بصدقة وقال فرجع أبي فرد تلك الصدقة وأيضا عموم قول النبي A [ إلا الوالد فيما يعطي ولده ] وهذا يقدم على قول عمر ثم هو خاص في الوالد وحديث عمر عام فيجب تقديم الخاص