فصلان : الوقف على سبيل الله أو ابن السبيل أو الرقاب أو الغارمين وسبيل الثواب وسبيل الخير .
فصل : وإن وقف على سبيل الله أو ابن السبيل أو الرقاب أو الغارمين فهم الذين يستحقون السهم من الصدقات لا يعدوهم إلى غيرهم لأن المطلق من كلام الآدميين محمول على المعهود في الشرع فينظر من كان يستحق السهم من الصدقات فالوقف مصروف إليه وشرحهم يأتي في موضعه إن شاء الله تعالى وإن وقف على الأصناف الثمانية الذين يأخذون الصدقات صرف إليهم ويعطى كل واحد منهم من الوقف مثل القدر الذي يعطى من الزكاة لا يزاد على ذلك فيعطى الفقير والمسكين ما يتم به غناؤه والغارم قدر ما يقضي غرمه والمكاتب قدر ما يؤدي به كتابته وابن السبيل ما يبلغه والغازي ما يحتاج إليه لغزوه وإن كان غنيا واختلف في قدر ما يحصل به الغنى فقال أحمد في رواية علي بن سعيد في الرجل يعطى من الوقف خمسين درهما فقال : إن كان الواقف ذكر في كتابه المساكين فهو مثل الزكاة وإن كان متطوعا أعطى ما شاء وكيف شاء فقد نص أحمد على إلحاقه بالزكاة فيكون الخلاف فيه كالخلاف في الزكاة والله أعلم وإن وقف على جميع الأصناف أو على صنفين أو أكثر فهل يجوز الاقتصار على صنف واحد أو يجب إعطاء بعض كل صنف من الموقوف عليه ؟ على وجهين بناء على الزكاة .
فصل : وإذا وقف على سبيل الله وسبيل الثواب وسبيل الخير فسبيل الله هو الغزو والجهاد في سبيل الله فيصرف ثلث الوقف إلى من يصرف إليهم السهم من الزكاة وهم الغزاة الذين لا حق لهم في الديوان وإن كانوا أغنياء وسائر الوقف يصرف إلى كل ما فيه أجر ومثوبة وخير لأن اللفظ عام في ذلك وقال أصحابنا يجزأ الوقف ثلاثة أجزاء فجزء يصرف إلى الغزاة وجزء يصرف إلى أقرب الناس إليه من الفقراء لأنهم أكثر الجهات ثوابا فإن النبي A قال : [ صدقتك على ذي القرابة صدقة وصلة ] والثالث يصرف إلى من يأخذ الزكاة لحاجته وهم خمسة أصناف : الفقراء والمساكين والرقاب والغارمون لمصلحتهم وابن السبيل لأن هؤلاء أهل حاجة منصوص عليهم في القرآن فكان من نص الله تعالى عليه في كتابه أولى من غيره وإن ساواه في الحاجة وهذا مذهب الشافعي .
ولنا أن لفظه عام فلا يجب التخصيص بالبعض لكونه أولى كالفقراء والمساكين في الزكاة لا يجب تخصيص أقاربه منهم بها وإن كانوا أولى وكذلك سائر الألفاظ العامة وإن أوصى في أبواب البر صرف في كل ما فيه بر وقربة وقال أصحابنا يصرف في أربع جهات : أقاربه غير الوارثين والمساكين والجهاد والحج قال أبو الخطاب وعنه فداء الأسراء مكان الحج ووجه القولين ما تقدم في التي قبلها