فصلان : الكراء لحمل الصبرة وأحكامها .
فصل : ونقل مهنا عن أحمد فيمن استأجر من حمال إلى مصر بأربعين دينارا فإن نزل دمشق فكراؤه ثلاثون فإن نزل الرقة فكراؤه عشرون فقال إذا اكترى إلى الرقة بعشرين واكترى إلى دمشق بعشرة واكترى إلى مصر بعشرة جاز ولم يكن للحمال أن يرجع فظاهر هذا أنه لم يحكم بصحة العقد الأول لأنه في معنى بيعتين في بيعة لكونه خيره بين ثلاثة عقود ويخرج فيه أن يصح بناء على المسألتين قبل هذا ونقل البرزاطي عن أحمد في رجل استأجر رجلا يحمل له كتابا إلى الكوفة وقال إن وصلت الكتاب يوم كذا وكذا فلك عشرون وإن تأخرت بعد ذلك بيوم فلك عشرة فالإجارة فاسدة وله أجر مثله وهذا مثل الذي قبله ونقل عبد الله فيمن اكترى دابة وقال إن رددتها غدا فكراؤها عشرة وإن رددتها اليوم فكراؤها خمسة فلا بأس وهذه الرواية تدل على صحة الإجارة والظاهر عن أحمد في رواية الجماعة فيما ذكرنا فساد العقد وهو قياس بيعتين في بيعة والله أعلم .
فصل في مسائل الصبرة وفيها عشر مسائل : .
إحداها : قال استأجرتك لتحمل لي هذه الصبرة إلى مصر بعشرة فالإجارة صحيحة بغير خلاف نعلمه لأن الصبرة معلومة بالمشاهدة التي يجوز بيعها بها فجاز الاستئجار عليها كما لو علم كيلها الثانية : قال استأجرتك لتحملها لي كل قفيز بدرهم فيصح أيضا وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة : يصح في قفيز ويبطل فيما زاد ومبنى الخلاف على الخلاف في بيعها وقد ذكرناه الثالثة : قال لتحملها لي قفيزا بدرهم وما زاد فبحساب ذلك فيجوز كما لو قال كل قفيز بدرهم وكذلك كل لفظ يدل على إرادة حمل جميعها كقوله لتحمل منها قفيزا بدرهم وسائرها أو باقيها بحساب ذلك أو قال وما زاد بحساب ذلك يريد به باقيها كله إذا فهما ذلك من اللفظ لدلالته عندهما عليه أو لقرينة صرفت إليه الرابعة : قال لتحمل منها قفيزا بدرهم وما زاد فبحساب ذلك يريد مهما حملت من باقيها فلا يصح ذكره القاضي وهو مذهب الشافعي لأن المعقود عليه بعضها وهو مجهول ويحتمل أن يصح لأنه في معنى كل دلو بتمرة الخامسة : قال لتنقل لي منها كل قفيز بدرهم فهي كالرابعة سواء السادسة : قال لتحمل منها قفيزا بدرهم على أن تحمل الباقي بحساب ذلك فلا يصح لأنه في معنى بيعتين في بيعة ويحتمل أن يصح لأن معناه لتحمل لي كل قفيز بدرهم السابعة : قال لتحمل لي هذه الصبرة كل قفيز بدرهم وتنقل لي صبرة أخرى في البيت بحساب ذلك فإن كانا يعلمان الصبرة التي في البيت بالمشاهدة صح فيهما لأنهما كالصبرة الواحدة وإن جهلها أحدهما صح في الأولى وبطل في الثانية لأنهما عقدان أحدهما على معلوم والثاني على مجهول فصح في المعلوم وبطل في المجهول كما لو قال بعتك عبدي هذا بعشرة وعبدي الذي في البيت بعشرة الثامنة : قال لتحمل لي هذه الصبرة والتي في البيت بعشرة فإن كانا يعلمان التي في البيت صح فيهما وإن جهلاها بطل فيهما لأنه عقد واحد بعوض واحد على معلوم ومجهول بخلاف التي قبلها فإن كانا يعلمان التي في البيت لكنها مغصوبة أو امتنع تصحيح العقد فيها لمانع اختص بها بطل العقد فيها وفي صحته وفي صحة الأخرى وجهان بناء على تفريق الصفقة إلا أنهما إن كانت قفزانهما معلومة أو قدر أحدهما معلوم من الأخرى فالأولى صحته لأن قسط الأجر فيها معلوم وإن لم يكن كذلك فالأولى بطلانه لجهالة العوض فيها التاسعة : قال لتحمل لي هذه الصبرة وهي عشرة أقفزة بدرهم فإن زادت على ذلك فالزائد بحساب ذلك صح في العشرة لأنها معلومة ولم يصح في الزيادة لأنها مشكوك فيها ولا يجوز العقد على ما يشك فيه العاشرة : قال لتحمل لي هذه الصبرة كل قفيز بدرهم فإن قدم لي طعام فحملته فبحساب ذلك صح أيضا في الصبرة وفسد في الزيادة لما ذكرناه