مسألة وفصل : قال : ومن استأجر عقارا فله أن يسكنه غيره إذا كان يقوم مقامه وكذلك إذا اكترى ظهرا .
مسألة : قال : ومن استأجر عقارا فله أن يسكنه غيره إذا كان يقوم مقامه : .
وجملته أن من استأجر عقارا للسكنى فله أن يسكنه ويسكن فيه من شاء ممن يقوم مقامه في الضرر أو دونه ويضع فيه ما جرت عادة الساكن به من الرحال والطعام ويخزن فيها الثياب وغيرها مما لا يضر بها ولا يسكنها ما يضر بها مثل القصارين والحدادين لأن ذلك يضر بها ولا يجعل فيها الدواب لأنها تروث فيها وتفسدها ولا يجعل فيها السرجين ولا رحى ولا شيئا يضر بها ولا يجوز أن يجعل فيها شيئا ثقيلا فوق سقف لأنه يثقله ويكسر خشبه ولا يجعل فيها شيئا يضر بها إلا أن يشترط ذلك وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي : ولا نعلم فيه مخالفا وإنما كان كذلك لأن له استيفاء المعقود عليه بنفسه ونائبه والذي يسكنه نائب عنه في استيفاء المعقود عليه فجاز كما لو وكل وكيلا في قبض المبيع أو دين له ولم يملك فعل ما يضر بها لأنه فوق المعقود عليه فلم يكن له فعله كما لو اشترى شيئا لم يملك أخذ أكثر منه فأما أن يجعل الدار مخزنا للطعام فقد قال أصحابنا يجوز ذلك لأنه يجوز أن يجعلها مخزنا لغيره ويحتمل أن لا يجوز لأن ذلك يفضي إلى تحريق النار أرضها وحيطانها وذلك ضرر لا يرضى به صاحب الدار .
فصل : وإذا اكترى دارا جاز إطلاق العقد ولم يحتج إلى ذكر السكنى ولا صفتها وهذا قول الشافعي وأصحاب الرأي وقال أبو ثور لا يجوز حتى يقول أبيت تحتها أنا وعيالي لأن السكنى تختلف ولو اكتراها ليسكنها فتزوج امرأة لم يكن له أن يسكنها معه .
ولنا أن الدار لا تكترى إلا للسكنى فاستغنى عن ذكره كإطلاق الثمن في بلد فيه نقد معروف به والتفاوت في السكنى يسير فلم يحتج إلى ضبطه وما ذكره لا يصح فإن الضرر لا يكاد يختلف بكثرة من بسكن وقلتهم ولا يمكن ضبط ذلك فاجتزئ فيه بالعرف كما في دخول الحمام وشبهه ولو اشترى ما ذكره لوجب أن يذكر عدد السكان وأن لا يبيت عنده ضيف ولا زائر ولا غير من ذكره ولكان ينبغي أن يعلم صفة الساكن كما يعلم ذلك فيما إذا اكترى للركوب .
فصل : وإذا اكترى ظهرا ليركبه فله أن يركبه مثله ومن هو أخف منه ولا يركبه من هو أثقل منه لأن العقد اقتضى استيفاء منفعة مقدرة بذلك الراكب فله أن يستوفي ذلك بنفسه ونائبه وله أن يستوفي أقل منه لأنه يستوفي بعض ما يستحقه وليس له استيفاء أكثر منه لأنه لا يملك أكثر مما عقد عليه ولا يشترط التساوي في الطول والقصر ولا المعرفة بالركوب وقال القاضي يشترط أن يكون مثله في هذه الأوصاف كلها لأن قلة المعرفة بالركوب تثقل على المركوب وتضر به قال الشاعر : .
( لم يركبوا الخيل إلا بعدما كبروا ... فهم ثقال على أعجازها عنف ) .
ولنا أن التفاوت في هذه الأمور بعد التساوي في الثقل يسير فعفي عنه ولهذا لا يشترط ذكره في الإجارة ولو اعتبر ذلك لاشترطت معرفته في الإجارة كالثقل والخفة