مسألة وفصلان : ومن استأجر عقارا مدة بعينها .
مسألة : قال : ومن استأجر عقارا مدة بعينها فبادله قبل تقضيها فقد لزمته الأجرة كاملة .
وجملته أن الإجارة عقد لازم يقتضي تمليك المؤجر الأجر والمستأجر المنافع فإذا فسخ المستأجر الإجارة قبل انقضاء مدتها وترك الانتفاع اختيارا منه لم تنفسخ الإجارة والأجر لازم له ولم يزل ملكه عن المنافع كما لو اشترى شيئا وقبضه ثم تركه قال الأثرم : قلت لأبي عبد الله رجل اكترى بعيرا فلما قدم المدينة قال له : فاسخني قال : ليس ذلك له قد لزمه الكراء قلت : فإن مرض المستكري بالمدينة فلم يجعل له فسخا وذلك لأنه عقد لازم بين الطرفين فلم يملك أحد المتعاقدين نسخه وإن فسخه لم يسقط العوض الواجب عليه كالبيع .
فصل : ولا خلاف بين أهل العلم في إباحة إجارة العقار قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن استئجار المنازل والدواب جائز ولا تجوز إجارتها إلا في مدة معينة معلومة ولا بد من مشاهدته وتحديده فإنه لا يصير معلوما إلا بذلك ولا يجوز إطلاقه ولا وصفه وبهذا قال الشافعي وقال أبو ثور : إذا ضبط بالصفة أجزأ وقال أصحاب الرأي : له خيار الرؤية كقولهم في البيع ويتخرج لنا مثل ذلك بناء على البيع والخلاف ههنا مبني على الخلاف في البيع ولم يكتف بالصفة لأنه لا يصير معلوما إلا بالرؤية كما لا يعلم في البيع إلا بذلك فإن كان دارا أو حماما احتاج إلى مشاهدة البيوت لأن الغرض يختلف بصغرها وكبرها ومرافقها ومشاهدة قدر الحمام ليعلم كبرها من صغرها ومعرفة ماء الحمام إما من قناة أو بئر فإن كان من بئر احتاج إلى مشاهدتها ليعلم عمقها ومؤنة استسقاء الماء منها ومشاهدة الأتون ومطرح الرماد وموضع الزبل ومصرف ماء الحمام فمتى أخل بهذا أو بعضه لم تصح للجهالة بما يختلف الغرض به .
فصل : وكره أحمد كراء الحمام وسئل عن كرائه فقال : أخشى فقيل له إذا شرط على المكتري أن لا يدخله أحد بغير إزاز فقال : ومن يضبط هذا ؟ وكأنه لم يعجبه قال ابن حامد : هذا على طريق الكراهة تنزيها لا تحريما لأنه تبدو فيه عورات الناس فتحصل الإجارة على فعل محظور فكرهه لذلك فأما العقد فصحيح وهذا قول أكثر أهل العلم قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن كراء الحمام جائز إذا حدده وذكر جميع آلته شهورا مسماة وهذا قول مالك و الشافعي و أبو ثور وأصحاب الرأي لأن المكتري إنما يأخذ الأجر عوضا عن دخول الحمام والاغتسال بمائه وأحوال المسلمين محمولة على السلامة وإن وقع من بعضهم فعل ما لا يجوز لم يحرم الأجر المأخوذ منه كما لو اكترى دارا ليسكنها فشرب فيها خمرا