فصل : أن يكون المبيع أرضا لأنها التي تبقى على الدوام .
فصل : الشرط الثاني أن يكون المبيع أرضا لأنها التي تبقى على الدوام ويدوم ضررها وأما غيرها فينقسم قسمين أحدهما : تثبت فيه الشفعة تبعا للأرض وهو البناء والغراس يباع مع الأرض فإنه يؤخذ بالشفعة تبعا للأرض بغير خلاف في المذهب ولا نعرفه فيه بين من أثبت الشفعة خلافا وقد دل عليه قول النبي A وقضاؤه بالشفعة في كل شرك لم يقسم ربعة أو حائط وهذا يدخل فيه البناء والأشجار القسم الثاني : ما لا تثبت فيه الشفعة تبعا ولا مفردا وهو الزرع والثمرة الظاهرة تباع مع الأرض فإنه لا يؤخذ بالشفعة مع الأصل وبهذا قال الشافعي : وقال أبو حنيفة و مالك : يؤخذ ذلك بالشفعة مع أصوله لأنه متصل بما فيه الشفعة فيثبت فيه الشفعة تبعا كالبناء والغراس ولنا أنه لا يدخل في البيع تبعا فلا يؤخذ بالشفعة كقماش الدار وعكسه البناء والغراس وتحقيقه أن الشفعة بيع في الحقيقة لكن الشارع جعل له سلطان الأخذ بغير رضى المشتري فإن بيع الشجر وفيه ثمرة غير ظاهرة كالطلع غير المؤبر دخل في الشفعة لأنها تتبع في البيع فأشبهت الغراس في الأرض وأما ما بيع مفردا من الأرض فلا شفعة فيه سواء كان مما ينقل كالحيوان والثياب والسفن والحجارة والزرع والثمار أو لا ينقل كالبناء والغراس إذا بيع مفردا وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي وروي عن الحسن و الثوري و الأوزاعي و العنبري و قتادة و ربيعة و إسحاق لا شفعة في المنقولات واختلف عن مالك و عطاء فقالا مرة كذلك ومرة قالا الشفعة في كل شيء حتى في الثوب قال ابن أبي موسى وقد روي عن أبي عبد الله رواية أخرى أن الشفعة واجبة فيما لا ينقسم كالحجارة والسيف والحيوان وما في معنى ذلك قال أبو الخطاب وعن أحمد رواية أخرى أن الشفعة تجب في البناء والغراس وإن بيع مفردا وهو قول مالك لعموم قوله عليه السلام [ الشفعة فيما لم يقسم ] ولأن الشفعة وضعت لدفع الضرر وحصول الضرر بالشركة فيما لاينقسم أبلغ منه فيما ينقسم ولأن ابن أبي مليكة روى أن النبي A قال : [ الشفعة في كل شيء ] .
ولنا أن قول النبي A [ الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدد وصرفت الطرق فلا شفعة ] لا يتناول إلا ما ذكرناه وإنما أراد ما لا ينقسم من الأرض بدليل قوله [ فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق ] ولأن هذا مما لا يتباقى على الدوام فلا تجب فيه الشفعة كصبرة الطعام وحديث ابن أبي مليكة مرسل لم يرو في الكتب الموثوق بها والحكم في الغراف والدولاب والناعورة كالحكم في البناء فأما إن بيعت الشجرة مع قرارها من الأرض مفردة عما يتخللها من الأرض فحكمها حكم ما لا ينقسم من العقار ولأن هذا مما لا ينقسم على ما سنذكره ويحتمل أن لا تجب الشفعة فيها بحال لأن القرار تابع لها فإذا لم تجب الشفعة فيها مفردة لم تجب فيه تبعها وإن بيعت حصة من علو دار مشترك نظرت فإن كان السقف الذي تحته لصاحب السفل فلا شفعة في العلو لأنه بناء مفرد وإن كان لصاحب العلو فكذلك لأنه بناء منفرد لكونه لا أرض له فهو كما لو لم يكن السقف له ويحتمل ثبوت الشفعة لأن له قرارا فهو كالسفل