فصل : فأما استثناء بفضل ما دخل في المستثنى منه .
فصل : فأما استثناء بعض ما دخل في المستثنى منه فجائز بغير خلاف علمناه فإن ذلك في كلام العرب وقد جاء في الكتاب والسنة قال الله تعالى : { فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما } وقال : { فسجد الملائكة كلهم أجمعون * إلا إبليس } و [ قال النبي A في الشهيد يكفر عنه خطاياه كلها إلا الدين ] وهذا في الكتاب والسنة كثير وفي سائر كلام العرب فإذا أقر بشيء واستثنى منه كان مقرا بالباقي بعد الإستثناء فإذا قال له علي مائة إلا عشرة كان مقرا بتسعين لأن الإستثناء يمنع أن يدخل في اللفظ ما لولاه لدخل فإنه لو دخل لما امكن إخراجه ولو أقر بالعشرة المستثناة لما قبل منه إنكارها وقول الله تعالى : { فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما } أخبار بتسعمائة وخمسين فالإستثناء بين أن الخمسين المستثناة غير مرادة كما إن التخصيص يبين أن المخصوص غير مراد باللفظ العام وإن قال : إلا ثلثها أو ربعها صح وكان مقرا بالباقي بعد المستثنى وإن قال : هذه الدار لزيد إلا هذا البيت كان مقرا بما سوى البيت منها وكذلك إن قال : هذه الدار له وهذا البيت لي صح أيضا لأنه في معنى الإستثناء لكونه أخرج بعض ما دخل في اللفظ الأول بكلام متصل وإن قال : له هؤلاء العبيد إلا هذا صح وكان مقرا بمن سواه منهم وإن قال : إلا واحدا صح لأن الإقرار يصح مجهولا فكذلك الإستثناء منه ويرجع في تعيين المستثنى إليه لأن الحكم يتعلق بقوله وهو أعلم بمراده به وإن عين من عدا المستثنى صح وكان الباقي له فإن هلك العبيد إلا واحدا فذكر أنه المستثنى قبل ذكره القاضي وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي وقال أبو الخطاب لا يقبل في أحد الوجهين وهو الوجه الثاني لأصحاب الشافعي لأنه يرفع به الإقرار كله والصحيح أنه يقبل لأنه يقبل تفسيره به في حياتهم لمعنى هو موجود بعد موتهم فقبل كحالة حياتهم وليس هذا رفعا للإقرار وإنما تعذر تسليم المقر به لتلفه لا لمعنى يرجع إلى التفسير فأشبه ما لو في حياتهم فتلف بعد تعيينه وإن قتل الجميع إلا واحدا قبل تفسيره بالباقي وجها واحدا وإن قتل الجميع فله قيمة أحدهم ويرجع في التفسير إليه ؟ وإن قال : غصبتك هؤلاء العبيد إلا واحدا فهلكوا إلا واحدا قبل تفسيره به وجها واحدا لأن المقر له يستحق قيمة الهالكين فلا يفضي التفسير بالباقي إلى سقوط الإقرار بخلاف التي قبلها