فصول : في العبد المأذون له .
فصول في العبد المأذون له : يجوز أن يأذن السيد لعبده في التجارة بغير خلاف تعلمه لأن الحجر عليه إنما كان لحق سيده فجاز له التصرف بإذنه وينفك عنه الحجر في قدر ما أذن له فيه لأن تصرفه إنما جاز بإذن سيده فزال الحجر في قدر ما أذن له فيه كالوكيل فإن دفع إليه مالا يتجر به كان له أن يبيع ويشتري ويتجر فيه وإن أذن له أن يشتري في ذمته جاز وإن عين له نوعا من المال يتجر فيه جاز ولم يكن له التجارة في غيره وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : يجوز أن يتجر في غيره وينفك عنه الحجر مطلقاص لأن إذنه إطلاق من الحجر وفك له وإلا طلاق لا يتبعض كبلوغ الصبي .
ولنا أنه متصرف بالإذن من جهة الآدمي فوجب أن يختص ما أذن له فيه كاوكيل والمضارب وما قاله ينقض بما إذا أذن له في شراء ثوب ليلبسه أو طعام ليأكله ويخالف البلوغ فإنه يزول به المعنى الموجب للحجر فإن البلوغ مظنة كمال العقل الذي يتمكن به من التصرف على وجه المصلحة وههنا الرق سبب الحجر وهو موجود فنظير البلوغ في الصبي العتق للعبد وإنما يتصرف العبد بالإذن ألا ترى أن الصبي يستفيد بالبلوغ قبول النكاح بخلاف العبد ؟ .
فصل : وإذا أذن له في التجارة لم يجز له أن يؤجر نفسه ولا يتوكل لإنسان وبه قال الشافعي وأباحهما أبو حنيفة لأنه يتصرف لنفسه فملك ذلك كالمكاتب .
ولنا أنه عقد على نفسه فلا يملكه بالإذن في التجارة كبيع نفسه وتزوجه وقولهم أنه يتصرف لنفسه ممنوع بل يتصرف لسيده وبهذا فارق المكاتب يتصرف لنفسه ولهذا كان له أن يبيع من سيده .
فصل : وإذا رأى السيد عبده يتجر فلم ينهه لم يصر مأذوناص له بهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : يصير مأذونا له لأنه سكت عن حقه فكان مسقطا له كالشفيع إذا سكت عن طلب الشفعة .
ولنا أنه تصرف يفتقر إلى الإذن فلم يقم السكوت مقام الإذن كما لو باع الراهن الرهن والمرتهن ساكت أو باعه المرتهن والراهن ساكت وكتصرفات الأجانب ويخالف الشفعة فإنها بمضي الزمان إذا علم لأنها على الفور .
فصل : ولا يبطل الإذن بالإباق وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة : يبطل لأنهيزيل به ولاية السيد عنه في التجارة بدليل أنه لا يجوز بيعه ولا هبته ولا رهنه فأشبه ما لو باعه .
ولنا أن الإباق لا يمنع إبتداء الإذن له في التجارة فلم يمنع استدامته كما لو غصبه غاصب أو حبس يدين عليه أو على غيره وما ذكروه غير صحيح فإن سبب الولاية باق وهو الرق ويجوز بيعه وإجارته ممن يقدر عليه ويبطل بالمغصوب .
فصل : ولا يجوز للمأذون التبرع بهبة الدراهم ولا كسوة الثياب وتجوز هبته المأكول وإعارة دابته وإتخاذ الدعوة ما لم يكن إسرافا وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي : لا يجوز شيء من ذلك بغير إذن سيده لأنه تبرع بمال مولاه فلم يجز كهبة دراهمه .
ولنا أن النبي A كان يجيب دعوة المملوك وروى أبو سعيد مولى أبي أسيد أنه تزوج فحضر دعوته أناس من أصحاب رسول الله A منهم عبد اله بن مسعود وحذيفة وأبو ذر فأمهم وهو يومئذ عبد رواه صالح في مسائله بإسناده ولأن العادة جارية بهذا بين التجار فجاز كما جاز للمرأة الصدقة بكسرة الخبز من بيت زوجها