فصول : في المضاربة الفاسدة .
فصل : وفي المضاربة الفاسدة فصول ثلاثة : .
الفصل الأول : أنه إذا تصرف نفذ تصرفه لأنه أذن له فيه فإذا بطل العقد بقي الإذن فملك به التصرف كالوكيل فإن قيل فلو اشترى الرجل شراء فاسد ثم تصرف فيه لم ينفذ تصرفه مع أن البائع قد أذن له في التصرف قلنا لأن المشتري يتصرف من جهة الملك لا بالإذن فإن أذن له البائع كان على أنه ملك المأذون له فإذا لم يملك لم يصح وههنا أذن له رب المال في التصرف في ملك نفسه وما شرطه من الشرط الفاسد فليس بمشروط في مقابلة الإذن لأنه أذن له في تصرف يقع له .
الفصل الثاني : أن الربح جميعه لرب المال لأنه نماء ماله إنما يستحق العامل بالشرط فإذا فسدت المضاربة فسد الشرط فلم يستحق منه شيئا وكان له أجر مثله نص عليه أحمد وهو مذهب الشافعي واختار الشريف أبو جعفر أن الربح بينهما على ما شرطاه وإحتج بما روي عن أحمد أنه قال : إذا إشتركا في العروض قسم الربح على ما شرطاه قال : وهذه الشركة فاسدة واحتج بأنه عقد يصح مع الجهالة فيثبت المسمى في فاسده كالنكاح قال : ولا أجر له وجعل أحكامها كلها كأحكام الصحيحة وقد ذكرنا هذا قال القاضي أبو يعلي : والمذهب ما حكينا وكلام أحمد محمول على أنه صحح الشركة بالعروض وحكي عن مالك أنه يرجع إلى قراض المثل وحكي عنه إن لم يربح فلا أجر له ومقتضى هذا أنه إن ربح فله الأقل مما شرط له أو أجر مثله ويحتمل أن يثبت عندنا مثل هذا لأنه إذا كان الأقل ما شرط له فقد رضي به فلا يستحق أكثر منه كما لو تبرع بالعمل الزائد .
ولنا أن تسميه الربح من توابع المضاربة أو ركن من أركانها فإذا فسدت فسدت أركانها وتوابعها كالصلاة ولا نسلم في النكاح وجوب المسمى إذا كان العقد فاسدا وإذا لم يجب له المسمى وجب أجر المثل لأنه إنما عمل ليأخذ المسمى فإذا لم يحصل له المسمى وجب رد عمله إليه وذلك متعذر فتجب قيمته وهو أجر مثله كما لو تبايعا بيعا فاسدا وتقابضا وتلف أحد العوضين في يد القابض له وجب رد قيمته فعلى هذا سواء ظهر في المال ربح أو لم يظهر فأما إن رضي المضارب بالعمل بغير عوض مثل أن يقول قارضتك والربح كله لي فالصحيح إنه لا شيء للمضارب ههنا لأنه تبرع بعمله فأشبه ما لو أعانه في شيء أو توكل له بغير جعل أو أخذ له بضاعة .
الفصل الثالث : في الضمان ولا ضمان عليه فيما يتلف بغير تعديه وتفريطه لأن ما كان القبض في صحيحه مضموناص كان مضمونا في فاسده وما لم يكن مضمونا في صحيحه لم يضمن في فاسده وبهذا قال الشافعي وقال أبو يوسف ومحمد : يضمن .
ولنا أنه عقد لا يضمن ما قبضه في صحيحه فلم يضمنه في فاسده كالوكالة ولأنها إذا فسدت صارت إجارة والأجير لا يضمن سكنى ما تلف بغير تعديه ولا فعله فكذا ههنا وأما الشركة إذا فسدت فقد ذكرناها قبل هذا