مسألة : قال وإن ضارب لرجل لم يجز أن يضارب الآخر .
مسألة : قال : وإذا ضرب لرجل لم يجز أن يضارب لآخر إذا كان فيه ضرر على الأول فإن فعل وربح رده في شركة الأول .
وجملة ذلك إنه إذا أخذ من إنسان مضاربة إحدها ثم أراد أخذ مضاربة أخرى من آخر فأذن له الأولى جاز وإن لم يأذن له ولم يكن عليه ضرر جاز أيضا بغير خلاف وإن كان فيه ضرر على رب المال الأول ولم يأذن مثل أن يكون المال الثاني كثيرا يحتاج إلى أن يقطع زمانه ويشغله عن التجارة في الأول ويكون المال الأول كثيرا متى اشتغل عنه بغيره انقطع عن بعض تصرفاته لم يجز له ذلك وقال أكثر الفقهاء : يجوز لأنه عقد لا يملك به منافعه كلها فلم يمنع من المضاربة كما لو لم يكن فيه ضرر كالأجير المشترك .
ولنا أن المضاربة على الحظ والنماء فإذا فعل ما تمنعه لم يكن له كما لو أراد التصرف بالعين وفارق ما لا ضرر فيه فعل هذا إذا فعل وربح رد الربح في شركة الأول ويقتسمانه فلينظر ما ربح في المضاربة الثانية فيدفع إلى رب المال منها نصيبه ويأخذ المضارب نصيبه من الربح فيضمه إلى ربح المضاربة الأولى ويقاسمه لرب المضاربة الأولى لأنه استحق حصته من الربح بالمنفعة التي استحقت بالعقد الأول فكان بينهما كربح المال الأول فأما حصة رب المال الثاني من الربح فتدفع إليه لأن العدوان من المضارب لا يسقط حق رب المال الثاني ولأنا لو رددنا ربح الثاني كله في الشركة الأولى لأختص الضرر برب المال والثاني الثلث ولأنه لا يخلو اما أن يحكم بفساد المضاربة الثانية أو بصحتها فغن كانت فاسدة فالربح كله لرب المال وللمضارب أجر مثله وإن حكمنا بصحتها وجب حصة رب المال إليه بمقتضى العقد وموجب الشرط والنظر يقتضي أن لا يستحق رب المضاربة الأولى من رب الثانية شيئا لنه إنما يستحق بمال أو عمل وليس له في المضاربة الثانية مال ولا عمل وتعدي المضارب إنما كان بترك العمل واشتغاله عن المال الأول وهذا لا يوجب عوضا كما لو اشتغل بالعمل في مال نفسه أو آجر نفسه أو ترك التجارة للعب أو اشتغال بعلم أو غير ذلك ولو أوجب عوضا لأوجب شيئا مقدرا لا يختلف ولا يقتدر بربحه في الثاني والله أعلم