فصل : ومن شرط صحة المضاربة تقدير نصيب العامل .
فصل : ومن شرط صحة المضاربة تقدير نصيب العامل لأنه يستحقه بالشرط فلم يقدر إلا به ولو قال : خذ هذا المال مضاربة ولم يسم للعامل شيئا من الربح فالربح كله لرب المال والوضيعة عليه وللعامل أجر مثله نص عليه أحمد وهو قول الثوري و الشافعي و إسحاق و أبي ثور و أصحاب الرأي وقال الحسن و ابن سيرين و ألأوزاعي : الربح بينهما نصفين لأنه لو قال : والربح بيننا لكان بينهما نصفين فكذلك إذا لم يذكر شيئا .
ولنا أن المضارب إنما يستحق بالشرط ولم يوجد وقوله مضاربة اقتضي أن له جزءا من الربح مجهولا فلم تصح المضاربة به كما لو قال : ولك جزء من الربح فأما إذا قال : والربح بيننا فإن المضاربة تصح ويكون بينهما نصفين لأنه أضافه إليهما إضافة واحدة لم يترجح فيها أحدهما على الآخر فاقتضى التسوية كما لو قال : هذه الدار بيني وبينك وإن قدر نصيب العامل فقال : ولك ثلث الربح أو ربعه أو جزءا معلوما أي جزء كان فالباقي لرب المال لأنه يستحق الربح بماله لكونه نماءه وفرعه والعامل يأخذ بالشرط فما شرط له استحقه وما بقي فلرب المال بحكم الأصل وإن قدر نصيب رب المال مثل أن يقول ولي ثلث الربح ولم يذكر نصيب العامل ففيه وجهان أحدهما : لا يصح لأن العامل إنما يستحق بالشرط ولم يشرط له شيء فتكون المضاربة فاسدة والثاني : يصح ويكون الباقي للعامل وهذا قول أبي ثور و أصحاب الرأي لأن الربح لهما لا يستحقه غيرهما فإذا قدر نصيب أحدهما منه فالباقي للآخر من مفهوم اللفظ كما علم ذلك من قول الله تعالى : { فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث } ولم يذكر نصيب الأب فعلم أن الباقي له ولأنه لو قال أوصيت بهذه المائة لزيد وعمر ونصيب زيد منها ثلاثون كان الباقي لعمر وكذا ههنا وإن قال : لي النصف ولك الثلث وسكت عن السدس صح وكان لرب المال لأنه لو سكت عن جميع الباقي بعد جزء العامل كان لرب المال فكذلك إذا ذكر بعضه وترك بعضه وإن قال : خذه مضاريبة على الثلث أو النصف أو قال : بالثلث أو الربح صح وكان تقدير النصيب للعامل لأن الشرط يراد لأجله فإن رب المال يستحق بماله لا بالشرط والعامل يستحق بالعمل والعمل يكثر ويقل وإنما تتقدر حصته بالشرط فكان الشرط له ومتى شرطا لأحدهما شيئا واختلفا في الجزء المشروط لمن هو ؟ فهو للعامل قليلا كان أو كثيرا لذلك وإن قال : خذه مضاربة ولك ثلث الربح وثلث ما بقي صح وكان له خمسة أتساع لأن هذا معناه وإن قال : لك ثلث الربح وربع ما بقي فله النصف وإن قال : لك ربع الربح وربع ما بقي فله ثلاثة أثمان ونصف ثمن وسواء عرفا الحساب أو جهلاه لأن ذلك أجزاء معلومة مقدرة فأشبه ما لو شرط الخمسين ومذهب الشافعي في كل هذا الفصل كله كمذهبنا