فصل : أن يشترك بدن ومال .
فصل : القسم الثالث : أن يشترك بدن ومال وهذه المضاربة وتسمة قراضا أيضا ومعناه أن يدفع رجل ماله إلى آخر يتجر له فيه على أن ما حصل ممن الربح بينهما حسب ما يشترطانه فأهل العراق يسمونه مضاربة مأخوذة من الضرب في الأرض وهو السفر فيها للتجارة قال الله تعالى : { وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله } ويحتمل أن يكون من ضرب كل واحد منهما في الربح بسهم ويسميه أهل الحجاز القراض فقيل هو مشتق من القطع يقال قرض الفأر الثوب إذا قطعه فكأن صاحب المال اقتطع من ماله قطعة وسلمها إلى العامل واقتطع له قطعة من الربح وقيل اشتقاقه من المساواة والموازنة يقال تقارض الشاعران إذا وازن كل واحد منهما بشعره وههنا من العامل العمل ومن الآخر المال فتوازنا وأجمع أهل العلم على جواز المضاربة في الجملة ذكره ابن المنذر ولروي عن حميد ابن عبد اله عن أبيه هم جده أن عمر بن الخطاب أعطاه مال يتيم مضاربة يعمل به في العراق وروى مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عبد الله وعبيد الله أبني عمر بن الخطاب Bهم خرجا في جيش إلى العراق فتسلفا من أبي موسى مالا وابتاعا به متاعا وقدما به إلى المدينة فباعاه وربحا فيه فأراد عمر أخذ رأس المال والربح كله فقالا : لو تلف كان ضمانه علينا فلم لا يكون ربحه لنا ؟ فقال رجل يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضا ؟ قال قد جعلته وأخذ منهما نصف الربح وهذا يدل على جواز القراض وعن مالك عن العلاء ابن عبد الرحمن عن أبيه عن جده أن عثمان قارضه وعن قتادة عن الحسن أن عليا قال : إذا خالف المضارب فلا ضمان هما على ما شرطا وعن ابن مسعود وحكيم بن حزام أنهما قارضا ولا مخالف لهما في الصحابة فحصل إجماعا ولأن بالناس حاجة إلى المضاربة فإن الدراهم والدنانير لا تنمي إلا بالتقليب والتجارة وليس كل من يملكها يحسن التجارة ولأن كل من يحسن التجارة له رأس مال فاحتيج إليها من الجانبين فشرعها الله تعالى لدفع الحاجتين إذا ثبت هذا فإنها تنعقد بلفظ المضاربة والقراض لأنهما لفظتان موضوعان لها أو بما يؤدي معناها لأن المقصود المعنى فجاز بما دل عليه كلفظ التمليك في البيع