مسألة : حكم الماء المتفضل عن أعضاء المتوضئ .
مسألة : قال ولا يتوضأ بماء قد وضئ به .
يعني الماء المنفصل عن أعضاء المتوضئ والمغتسل في معناه وظاهر المذهب ان المستعمل في رفع الحدث طاهر غير مطهر لا يرفع حدثا ولا يزيل نجسا وبه قال الليث و الأوزاعي : وهو المشهور عن أبي حنيفة وإحدى الروايتين عن مالك وظاهر مذهب الشافعي وعن أحمد رواية أخرى أنه طاهر مطهر وبه قال الحسن و عطاء و النخعي و الزهري و مكحول و أهل الظاهر والرواية الثانية ل مالك والقول الثاني ل الشافعي روي عن علي وابن عمر وأبي أمامة فيمن نسي مسح رأسه اذا وجد بللا في لحيته أجزأه أن يمسح رأسه بذلك البلل ووجه ذلك ان النبي A قال : [ الماء ولا يجنب ] وقال [ الماء ليس عليه جنابة ] و [ روي أن النبي A اغتسل من الجنابة فرأى لمعة لم يصيبها الماء فعصر شعره عليها ] رواهما الإمام أحمد في المسند و ابن ماجة وغيرهما ولأنه غسل به محل طاهر فلم تزل به طهوريته كما لو غسل به الثوب ولأنه لاقى محلا طاهرا فلا يخرج عن حكمه بتأدية الفرض به كالثوب يصلي فيه مرارا .
وقال أبو يوسف : هو نجس وهو رواية عن أبي حنيفة لأن النبي A قال : [ لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من جنابة ] رواه أبو داود فاقتضى أن الغسل فيه كالبول فيه ولأنه يسمى طهارة والطهارة لا تكون إلا عن نجاسة إذ تطهير الطاهر لا يعقل .
ولنا : على طهارته أن النبي A كان اذا توضأ كادوا يقتتلون على ضوئه رواه البخاري ولأنه A صب على جابر من وضوئه إذ كان مريضا ولو كان نجسا لم يجز فعل ذلك - ولأن النبي A وأصحابه ونسائه كانوا يتوضؤون في الأقداح والاتوار ويغتسلون في الجفان ومثل هذا لا يسلم من رشاش يقع في الماء من المستعمل ولهذا قال إبراهيم النخعي : ولا بد من ذلك فلو كان المستعمل نجسا لنجس الماء الذي يقع فيه وقد روي عن النبي A أنه قدمت إليه امرأة من نسائه قصعة ليتوضأ منها فقالت امرأة : أني غمست يدي فيها وأنا جنب فقال : [ الماء لا يجنب ] ورواه الإمام أبو عبد الله في المسند [ الماء لا ينجس ] وعندهم الحدث يرتفع من غير نية ولأنه ماء طاهر لاقى محلا طاهرا فكان طاهرا كالذي غسل به الطاهر والدليل على أن المحدث طاهر ما روى أبو هريرة Bه قال : [ لقيني رسول الله A وأنا جنب فانخنست منه فاغتسلت ثم جئت فقال : أين كنت يا أبا هريرة ؟ قلت يا رسول الله : كنت جنبا فكرهت أن أجالسك فذهبت فاغتسلت ثم جئت فقال : سبحان الله المسلم لا ينجس ] متفق عليه ولأنه لو غمس يده في الماء لم ينجسه ولو مس شيئا رطبا لم ينجسه ولو حمله مصل لم تبطل صلاته وقولهم أنه نهى عن الغسل من الجنابة في الماء الدائم كنهيه عن البول فيه قلنا النهي يدل على أنه يؤثر في الماء وهو المنع من التوضؤ به والاقتران يقتضي التسوية في أصل الحكم لا في تفصيله وإنما سمي الوضوء والغسل طهارة لكونه ينقي الذنوب والآثام كما ورد في الأخبار بدليل ما ذكرنا اذا ثبت هذا فالدليل على خروجه عن الطهورية قول النبي A : [ لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب ] رواه مسلم منع من الغسل فيه كمنعه من البول فيه فلولا أنه يفيده منعا لم ينه عنه ولأنه أزيل به مانع من الصلاة فلم يجز استعماله في طهارة أخرى كالمستعمل في ازالة النجاسة