فصل : إذا كان بينهما حائط مشترك فانهدم وامتنع الآخر فهل يجبر الممتنع .
فصل : إذا كان بينهما حائط مشترك فانهدم فطلب أحدهما إعادته وأبى الآخر فهل يجبر الممتنع على إعادته قال القاضي : فيه روايتان إحداهما يجبر نقلها ابن القاسم وحرب وسندي قال القاضي : هي أصح وقال ابن عقيل : وعلى ذلك أصحابنا وبه قال مالك : في إحدى روايتيه و الشافعي في قديم قوليه واختاره بعض أصحابه وصححه لأن في ترك بنائه إضرارا فيجبر عليه كما يجبر على القسمة إذا طلبها أحدهما وعلى النقض إذا خيف سقوطه عليهما ولقول النبي A [ لا ضرر ولا ضرار ] وهذا وشريكه يتضرران في ترك بنائه والرواية الثانية : لا يجبر نقل عن أحمد ما يدل على ذلك وهو أقوى دليلا ومذهب أبي حنيفة لأنه ملك لا حرمة له في نفسه فلم يجبر مالكه على الإنفاق عليه كما لو انفرد به ولأنه بناء حائط فلم يجبر عليه كالإبتداء ولأنه لا يخلو إما أن يجبر على بنائه لحق نفسه أو لحق جاره أو لحقيهما جميعا : لا يجوز أن يجبر عليه لحق نفسه بدليل ما لو انفرد به ولا لحق غيره كما لو انفرد به جاره فإذا لم يكن كل واحد منهما موجبا عليه فكذلك إذا اجتمعا وفارق القسمة فإنها دفع للضرر عنهما بما لا ضرر فيه والبناء فيه مضرة لما فيه من الغرامة وإنفاق ماله ولا يلزم من إجباره على إزالة الضرر بما لا ضرر فيه إجباره على إزالته بما فيه ضرر بدليل قسمة ما في قسمته ضرر ويفارق هدم الحائط إذا خيف سقوطه لأنه يخاف سقوط حائطه على ما يتلفه فيجبر على ما يزيل ذلك ولهذا يجبر عليه وإن انفرد بالحائط بخلاف مسئلتنا ولا نسلم أن في تركه إضرارا فإن الضرر إنما حصل بانهدامه وإنما ترك البناء ترك لما يحصل النفع به ولهذا لا يمنع الإنسان منه بدليل حالة الابتداء وإن سلمنا أنه إضرار لكن في الإجبار إضرار ولا يزال الضرر بالضرر وقد يكون الممتنع لا نفع له في الحائط أو يكون الضرر عليه أكثر من النفع أو يكون معسرا ليس معه ما يبني به فيكلف الغرامة مع عجزه عنها فعل هذه الرواية إذا امتنع أحدهما لم يجبر فإن أراد شريكه البناء فليس له منعه منه لأن له حقا في الحمل ورسما فلا يجوز منعه منه وله بناؤه بانقاضه إن شاء وبناؤه بآلة من عنده فإن بناه بآلته وإنقاضه فالحائط بينهما على الشركة كما كان لأن المنفق عليه إنما أنفق على التآلف وذلك أثر لا عين يملكها وإن بناه بآلة من عنده فالحائط ملكه خاصة وله منع شريكه من الإنتفاع به وضع خشبه ورسومه عليه لأن الحائط له وإذا أراد نقضه فإن كان بناه بآلته لم يملك نقضه لإنه ملكها فلم يكن له التصرف فيه بما فيه مضرة عليهما وإن بناه بآلة من عنده فله نقضه لأنه ملكه خاصة فإن قال شريكه أنا أدفع إليك نصف قيمة البناء ولا تنقصه لم يجبر لأنه لما لم يجبر على البناء لم يجبر على الإبقاء وإن أراد غير الباني نقضه إو إجبار بانيه على نقضه لم يكن له ذلك على الروايتين جميعا لأنه إذا لم يملك منعه من بنائه فلأن لا يملك إجباره على نقضه أولى فإن كان له على الحائط رسم انتفاع ووضع خشب قال : له أما أن تأخذ مني نصف قيمته وتمكنني من انتفاعي ووضع خشبي وأما أن تقلع حائطك لنعيد البناء بيننا فيلزم الآخر إجابته لأنه لا يملك إبطال رسومه وانتفاعه ببنائه وإن لم يرد الإنتفاع به فطالبه الباني بالغرامة أو القيمة لم يلزمه ذلك لأنه إذا لم يجبر على البناء فأولى أن لا يجبر على الغرامة إلا أن يكون قد أذن في البناء والإنفاق فيلزمه ما أذن فيه فأما على الرواية الأولى فمتى لمتنع أجبره الحاكم على ذلك فغن لم يفعل أخذ الحاكم من ماله وأنفق عليه وإن لم يكن له مال فأنفق عليه الشريك بإذن الحاكم أو إذن الشريك رجع عليه متى قدر وإن أراد بناءه لم يملك الشريك منعه وما أنفق أن تبرع به لم يكن له الرجوع به وإن نوى الرجوع به فهل له الرجوع بذلك ؟ يحتمل وجهين بناء على ما إذا قضى دينه بغير إذنه وإن بناه لنفسه بآلته فهو بينهما وإن بناه بآلة من عنده فهو له خاصة فإن أراد نقضه فله ذلك إلا أن يدفع إليه شريكه نصف قيمته فلا يكون له نقضه لأنه إذا أجبر على بنائه فأولى أن يجبر على إبقائه