فصلان : إن صالحه على إقرارها بجزء معلوم من ثمرها على خلاف والحكم كذلك في كل ما امتد من عروق الشجر إلى أرض الغير .
فصل : وإن صالحه على إقرارها بجزء معلوم من ثمرها أو بثمرها كله فقد نقل المروذي و إسحاق بن إبراهيم عن أحمد أنه سئل عن ذلك فقال : لا أدري فيحتمل أن يصح ونحوه وقال مكحول : فإنه نقل عنه أنه قال : أيما شجرة ظلت على قوم فهم بالخيار بين قطع ما ظلل أو أكل ثمرها ويحتمل أن لا يصح وهو قول الأكثرين وإليه ذهب الشافعي لأن العوض مجهول فإن الثمرة مجهولة وجزؤها مجهول ومن شرط الصلح العلم بالعوض ولأن المصالح عليه أيضا مجهول لأنه يزيد ويتغير على ما أسلفناه ووجه الأول أن هذا مما يكثر في الأملاك وتدعوا الحاجة إليه وفي القطع إتلاف فجاز مع الجهالة كالصلح على مجرى مياه الأمطار والصلح على المواريث الدارسة والحقوق المجهولة التي لا سبيل إلى علمها ويقوى عندي أن الصلح ههنا يصح بمعنى أن كل واحد منها يبيح صاحبه ما بذل له فصاحب الهواء يبيح صاحب الشجرة إبقاءها ويمتنع من قطعها وإزالتها وصاحب الشجرة يبيحه ما بذل له من ثمرتها ولا يكون هذا بمعنى البيع لأن البيع لا يصح بمعدوم ولا مجهول والثمرة في حال الصلح معدومة مجهولة ولا هو لازم بل لكل واحد منهما الرجوع عما بذله والعود فيما قاله لأنه مجرد إباحة من كل واحد منهما لصاحبه فجرى مجرى قول : كل واحد منهما لصاحبه أسكن داري وأكن دارك من غير تقدير مدة ولا ذكر شروط الإجارة أو قوله أبحتك الأكل من ثمرة بستاني فأبحني الأكل من ثمرة بستانك وكذلك قوله : دعني أجرى في أرضك ماء ولك أن تسقي به ما شئت وتشرب منه ونحو ذلك فهذا مثله بالأولى فإن هذا مما تدعوا الحاجة إليه كثيرا وفي إلزام القطع ضرر كبير وإتلاف أموال كثيرة وفي الترك من غير نفع يصل إلى صاحب الهواء ضرر عليه وفيما ذكرناه جمع بين الأمرين ونظر للفريقين وهو على وفق الأصول فكان أولى .
فصل : وكذلك الحكم في كل ما امتد من عروق شجرة إنسان إلى أرض جاره سواء أثرت ضررا مثل تأثيرها في المصانع وطي الآبار وأساس الحيطان أو منعها من ثبات شجر لصاحب الأرض أو زرع أو لم يؤثر فإن الحكم في قطعه والصلح عليه كالحكم في الفروع إلا أن العروق لا ثمر لها فإن اتفقا على أن ما نبت من عروقها لصاحب الأرض أو جزء معلوم منه فهو كالصلح على الثمرة فيما ذكرناه فعلى قولنا : إذا اصطلحا على ذلك فمضت مدة ثم أبى صاحب الشجرة دفع نباتها إلى صاحب الأرض فعليه أجر المثل لأنه إنما تركه في أرضه لهذا فلما لم يسلمه له رجع بأجر المثل كما لو بذلنا بعوض فلم يسلم له وكذلك الحكم فيمن مال حائطه إلى هواء ملك غيره أو ذلق من أخشابه إلى ملك غيره فالحكم فيه على ما ذكرناه