أحكام تصرفات المحجور عليه كالعتق والنكاح والتدبير والطلاق والإقرار بالنسب .
فصل : إذا أقر بما يوجب القصاص فعفا المقر له على مال احتمل أن يجب المال لأنه عفو عن قصاص ثابت فصح كما لو ثبت بالبينة واحتمل أن لا يصح لئلا يتخذ ذلك وسيلة إلى الإقرار بالمال بأن يتواطأ المحجور عليه والمقر له على الإقرار بالقصاص والعفو عنه على مال ولأنه وجوب مال مستنده إقراره فلم يثبت كالإقرار به ابتداء فعلى هذا القول يسقط وجوب القصاص ولا يجب المال في الحال .
فصل : وإن خالع صح خلعه لأنه إذا صح الطلاق ولا يحصل منه شيء فالخلع الذي يحصل به المال أولى إلا أن العوض لا يدفع إليه وإن دفع إليه لم يصح قبضه وإن أتلفه لم يضمنه ولم تبرأ المرأة بدفعه إليه وهو من ضمانها إن أتلفه أو تلف في يده لأنها سلطته على إتلافه .
فصل : وإن أعتق لم يصح عتقه وهذا قول القاسم بن محمد و الشافعي وحكى أبو الخطاب عن أحمد رواية أخرى أنه يصح لأنه عتق من مكلف مالك تام الملك فصح كالعتق الراهن والمفلس .
ولنا أنه تصرف في ماله يصح كسائر تصرفاته ولأنه تبرع فأبه هبته ووقفه ولأنه محجور عليه لحفظ ماله عليه فلم يصح عتقه كالصبي والمجنون وفارق المفلس والراهن فإن الحجر عليهما لحق غيرهما .
فصل : وإن تزوج صح النكاح بإذن وليه وبغير إذنه وبهذا قال أبو حنيفة وقال أبو الخطاب لا يصح بغير إذن وليه وهو قول الشافعي و أبي ثور لأنه تصرف يجب به مال فلم يصح بغير إذن وليه كالشراء ولنا أنه عقد غير مالي كخلعه وطلاقه وإن لزم منه المال فحصوله بطريق الضمن فلا يمنع من العقد كما لو لزم ذلك من الطلاق .
فصل : ويصح تدبيره ووصيته لأن ذلك محض مصلحته لأنه تقرب إلى الله تعالى بماله بعد غناه عنه ويصح استيلاده وتعتق الأمة المستولدة بموته لأنه إذا صح ذلك من المجنون فمن السفيه أولى وله المطالبة بالقصاص لأنه موضع للتشفي والانتقام وهو من أهله وله العفو على مال لأنه تحصيل للمال لا تضييع له وإن عفا على غير مال نظرت فإن قلنا الواجب القصاص عينا صح عفوه لأنه لم يتضمن تضييع المال وإن قلنا أحد الشيئين لم يصح عفوه عن المال ووجب المال كما لو سقط القصاص بعفو أحد الشريكين وإن أحرم بالحج صح إحرامه لأنه مكلف أحرم بالحج أشبه غيره ولأن ذلك عبادة فصحت منه كسائر عباداته ثم إن كان بفرض دفع إليه النفقة من ماله ليسقط الفرض عن نفسه وإن كان تطوعا فكانت نفقته في السفر كنفقته في الحضر دفعت إليه لأنه لا ضرر في إحرامه وإن كانت نفقة السفر أكثر فقال أنا أكتسب تمام نفقتي دفعت إليه أيضا لأنه لم يضر بماله وإن لم يكن له كسب فلوليه تحليله لما فيه من تضييع ماله ويتحلل بالصيام كالمعسر لأنه ممنوع من التصرف في ماله ويحتمل أن لا يملك وليه تحليله بناء على العبد إذا أحرم بغير إذن سيده وإن حنث في يمينه أو عاد في ظهاره أو لزمته كفارة بالقتل أو الوطء في نهار رمضان كفر بالصيام لذلك وإن أعتق أو أطعم عن ذلك لم يجزه وبهذا قال الشافعي لأنه ممنوع من ماله أشبه المفلس ويتخرج أن يجزئه العتق بناء على قولنا بصحته منه وإن نذر عبادة بدنية لزمه فعلها لأنه غير محجور عليه في بدنه وإن نذر صدقه المال لم يصح منه وكفر بالصيام وإن فك الحجر عنه قبل تكفيره في هذه المواضع لزمه العتق ان قدر عليه ومقتضى قول أصحابنا أنه يلزمه الوفاء بنذره بناء على قولهم فيمن أقر قبل فك الحجر عنه ثم فك عنه فإنه يلزمه أداؤه وإن فك بعد تكفيره لم يلزمه شيء كما لو كفر عن يمينه بالصيام ثم فك الحجر عنه .
فصل : وإن أقر بنسب ولد قبل منه لأنه ليس بإقرار بمال ولا تصرف فيه فقبل كإقراره بالحد والطلاق وإذا ثبت النسب لزمته أحكامه من النفقة وغيرها لأن ذلك حصل ضمنا لما صح منه فأشبه نفقة الزوجة