بطلان تصرف المفلس بعد الحجر عليه وحكم اعتاقه لرقيقه وإظهار الحجر عليه .
فصل : ومتى حجر عليه لم ينفذ تصرفه في شيء من ماله فإن تصرف ببيع أو هبة أو وقف أو أصدق امرأة مالا له أو نحو ذلك لم يصح وبهذا قال مالك والشافعي في قول وقال في آخر : يقف تصرفه فإن كان فيما بقي من ماله وفاء الغرماء نفذ وإلا بطل ولنا أنه محجور عليه بحكم حاكم فلم يصح لتصرفه كالسفينة ولأن حقوق الغرماء تعلقت بأعيان ماله فلم يصح تصرفه فيها كالمرهونة فأما إن تصرف في ذمته فاشترى أو اقترض أو تكفل صح تصرفه لأنه أهل للتصرف وإنما وجد في حقه الحجر والحجر وإنما يتعلق بماله لا بذمته ولن لا يشارك أصحاب هذه الديون الغرماء لأنه رضوا بذلك إذ علموا أنه مفلس وعاملوه ومن لم يعلم فقد فرط في ذلك فإن هذا في مظنة الشهرة ويتبع بها بعد فك الحجر عنه نص عليه أحمد وهو قول مالك و محمد بن الحسن و الثوري و الشافعي في قول وقال في الآخر : يشاركهم واختاره ابن المنذر لأنه دين ثابت مضاف إلى ما قبل الحجر فيشارك صاحبه الغرماء كما لو ثبت ببينة ولنا أنه محجور عليه فلم يصح إقراره فيما حجر عليه فيه كالسفيه أو كالراهن يقر على الرهن ولأنه إقرار يبطل ثبوته حق غير المقر فلم قبل أو إقراره على الغرماء فلم يقبل كإقرار الراهن ولأنه متهم في إقراره فهو كالإقرار على غيره وفارق البينة فإنه لا تهمة في حقها ولو كان المفلس صانعا كالقصار والحائك في يديه متا فأقر به لأربابه لم يقبل إقراره والقول فيها كالتي قبلها وتباع العين التي في يده وتنقسم ين الغرماء وتكون قيمتها واجبة على المفلس إذا قدر عليها لأنه صرفت في دينه بسبب من جهته فكانت قيمتها عليه كما لو أذن في ذلك وإن توجهت على المفلس يمين فنكل عنها فقضي عليه فحكمه حكم إقراره يلزم في حقه ولا يحاص الغرماء .
فصل : وإن أعتق المفلس بعض رقيقه فهل يصح ؟ على روايتين إحداهما : يصح وينفذ وهو قول أبي يوسف و إسحاق لأنه عتق من مالك رشيد فنفذ كما قبل الحجر ويفارق سائر التصرفات لأن للعتق تغليبا وسراية ولهذا يسري إلى ملك الغير ويسري واقفه بخلاف غيره والرواية الأخرى : لا ينفذ عتقه وبهذا قال مالك و ابن أبي ليلى و الثوري و الشافعي واختاره أبو الخطاب في رؤوس المسائل لأنه ممنوع من التبرع لحق الغرماء فلمن ينفذ عتقه كالمريض الذي يستغرق دينه ماله ولأن المفلس محجور عليه فلم ينفذ عتقه كالسفيه وفارق المطلق وأما سرايته إلى ملك الغير فمن شرطه أن يكون موسرا يؤخذ منه قيمة نصيب شريكه فلا يتضرر ولو كان معسرا لم ينفذ عتقه إلا فيما يملك صيانة لحق الغير وحفظا له عن الضياع كذا ههنا وهذا أصح إن شاء الله تعالى .
فصل : ويستحب إظهار الحجر عليه لتجتنب معاملته كيلا يستضر الناس بضياع أموالهم عليه والإشهاد عليه ليتشر ذلك عنه وربما عزل الحاكم أو مات فيثبت الحجر عند الآخر فيمضيه ولا يحتاج إلى ابتداء حجر ثان