قال : المرتهن أحق بثمن الرهن من جميع الفرقاء .
مسألة : قال : والمرتهن أحق بثمن الرهن من جميع الغرماء حتى يستوفي حقه حيا كان الراهن أو ميتا .
وجملته أنه إذا ضاق مال الراهن عن ديونه وطالب الغرماء بديونهم أو حجر عليه لفلسه وأريد قسمة ماله بين غرمائه فأول من يقدم من له أرش جناية يتعلق برقبة بعض عبيد المفلس لما ذكرنا من قبل ثم من له رهن فإنه يخص بثمنه عن سائر الغرماء لأن حقه متعلق بعين الرهن وذمة الراهن معا وسائرهم يتعلق حقه بالذمة دون العين فكان حقه أقوى وهذا من أكثر فوائد الرهن وهو تقديمه بحقه عند فرض مزاحمة الغرماء ولا نعلم في هذا خلافا وهو مذهب الشافعي وأصحاب الرأي وغيرهم فيباع الرهن فإن كان ثمنه وفق حقه أخذه وإن كان فيه فضل عن دينه رد الباقي على الغرماء وإن فضل من دينه شيء أخذ ثمنه وضرب مع الغرماء ببقية دينه ثم من بعد ذلك من وجد عين ماله فهو أحق بها ثم يقسم الباقي بين الغرماء على قدر ديونهم ولو كان فيهم من دينه ثابت بجناية المفلس لم يقدم وكان أسوة الغرماء لأن أرش جنايته يتعلق بذمته دون ماله فهو كبقية الديون بخلاف أرش جناية العبد فإنه تتعلق برقبة العبد فلذلك كان أحق به ممن تعلق حقه بمجرد الذمة ولا فرق في استحقاق ثمن الرهن والاختصاص به بين كون الرهن حيا أو ميتا لأن تقديم حقه من حيث كان حقه متعلقا بعين المال وهذا المعنى لا يختلف بالحياة والموت فكذلك ما ثبت به كأرش الجناية .
فصل : ولو باع شيئا أو باعه وكيله وقبض الثمن أو باع العدل الرهن وقبض الثمن فتلف وتعذره رده وخرجت السلعة مستحقه ساوى المشتري الغرماء لأن حقه لم يتعلق بعين المال فهو بمنزلة أرش جناية المفلس وذكر القاضي احتمالا آخر أنه يقدم على الغرماء لأنه لم يرض بمجرد الذمة فكان أولى كالمرتهن ولأنه لو لم يقدم على الغرماء لامتنع الناس عن شراء مال المفلس خوفا من ضياع أموالهم فتقل الرغبات فيه ويقل ثمنه فكن تقديم المشتري بذلك على الغرماء أنفع لهم وهذا وجه لأصحاب الشافعي ولنا أن هذا حق لم يتعلق بعين المال فلم يقدم كالذي جنى عليه المفلس وفارق المرتهن فإن حقه تعلق بالعين وما ذكروه الثمن موجودا يمكن رده وجب رده وينفرد به صاحبه لأنه عين ماله لم يتعلق به حق أحد من الناس وكذلك صاحب السلعة المستحقة يأخذها ومتى باع العدل مال المفلس أو باع الرهن وخرجت السلعة مستحقة فالعهدة على المفلس فلا شيء على العدل لأنه أمين