ما يجب على الرهن من نفقة المرهون .
فصل : وإن كان الرهن ماشية تحتاج إلى إطراق الفحل لم يجبر الراهن عليه لأنه ليس عليه ما يتضمن زيادة في الرهن وليس ذلك مما يحتاج إليه لبقائها ولا يمنع من ذلك لكونها زيادة لهما لا ضرر على المرتهن فيه وإن احتاجت إلى رعي فعلى الراهن أن يقيم لها راعيا لأن ذلك يجري مجرى علفها وإن أراد الراهن السفر بها ليرعاها في مكان آخر وكان لها في مكانها مرعى تتماسك به فللمرتهن منعه من ذلك لأن في السفر بها إخراجها عن نظرة ويده وإن أجذب مكانها فلم يجد ما تتماسك به فللراهن السفر بها لأنه موضع ضرورة لأنها تهلك إذا لم يسافر بها إلا أنها تكون في يد عدل يرضيان به أو ينصبه الحاكم ولا ينفرد الراهن بها فإن امتنع الراهن من السفر بها فللمرتهن نقلها لأن في بقائها هلاكها وضياع حقه من الرهن فإن أرادا جميعا السفر بها واختلفا في مكانها قدمنا قول من يعين الأصلح فإن استويا قدمنا قول المرتهن وقال الشافعي : يقدم قول الراهن وإن كان الأصلح غيره لأنه أملك بها إذا أنه يكون مأواها إلى يد عدل .
ولنا أن اليد للمرتهن فكان أولى كما لو كانا في بلد واحد وأيهما أراد نقلها عن البلد مع خصبه لم يكن له سواء أراد نقلها إلى مثله أو أخصب منه إذ لا معنى للمسافرة بالرهن مع إمكان ترك السفر به وإن اتفقا على نقلها جاز أيضا سواء كان أنفع لها أو لا لأن الحق لهما لا يخرج عنها .
فصل : وإن كان عبدا يحتاج إلى ختان والدين حال أو أجله قبل برئه منع منه لأنه ينقص ثمنه وفيه ضرر وإن كان يبرأ قبل محل الحق والزمان معتدل لا يخاف عليه فيه فله ذلك لأنه من الواجبات ويزيد به الثمن ولا يضر المرتهن ومؤنته على الراهن فإن مرض فاحتاج إلى دواء لم يجبر الراهن عليه ولأنه لا يتحقق أنه سبب لبقائه وقد يبرأ بغير علاج بخلاف النفق وإن أراد الراهن مداواته بما لا ضرر فيه لم يمنع منه لأنه مصلحة لهما من غير ضرر بواحد منهما وإن كان الدواء مما يخاف غائلته كالسموم فللمرتهن منعه منه لأنه لا يأمن تلفه وإن احتاج إلى قصد أو احتاجت الدابة إلى توديج ومعناه فتح الودجين حتى يسيل الدم وهما عرفان عريضان غليظان من جانبي ثغرة النحر أو تبزيغ وهو فتح الرهصة فللراهن فعل ذلك ما لم يخف منه ضررا وإن احتيج إلى قطع شيء من بدنه بدواء لا يخاف منه جاز وإن خيف منه فأيهما امتنع منه لم يجبر وإن كانت به آكلة كان له قطعها لأنه يخاف من تركها لا من قطعها لأنه لا يحس بلحم ميت وإن كانت به خبيثة فقال أهل الخبرة : الأحوط قطعها وهو أنفع من بقائها فللراهن ذلك وإلا فليس له فعله وإن تساوى الخوف عليه في الحالين لم يكن له قطعها لأنه يحدث جرحا فيه لم يترجح إحداثه وإن كانت به سلعة أو اصبع زائدة لم يملك الراهن قطعها لأن قطعها يخاف منه وتركها لا يخاف منه وإن كانت الماشية جربة فأراد الراهن دهنا بما يرجى نفعه ولا يخاف ضرره كالقطران والزيت اليسير لم يمنع وإن خيف ضرره كالكثير فللمرتهن منعه وقال القاضي : له ذلك بغير إذن المرتهن لأن له معالجة ملكه وإن امتنع من ذلك لم يجبر عليه ولو أراد المرتهن مداواتها بما ينفعها ولا يخشى ضرره لم يمنع لأن فيه إصلاح حقه بما لا يضر بغيره وإن خيف منه الضرر لم يمكن منه لأن فيه خطرا بحق غيره