وغلة الدار وخدمة العبد وحمل الشاة وما يتبع الرهن من النماء كالبيع واصلاح الراهن من اصلاح الرهن .
مسألة : قال : وغلة الدار وخدمة العبد وحمل الشاة وغيرها وثمرة الشجرة المرهونة من الرهن .
أراد بغلة الدار أجرها وكذلك خدمة العبد وجملة ذلك إنما نماء الرهن جميعه وغلاته تكون رهنا في يد من الرهن في يده كالأصل وإذا احتج إلى بيعه في وفاء الدين بيع مع الأصل سواء في ذلك المتصل كالسمن والتعليم والمنفصل كالكسب والولد والثمرة واللبن والصوف والشعر وبنحو هذا قال النخعي و الشعبي وقال الثوري وأصحاب الرأي : في النماء يبتع وفي الكسب لا يتبع لأن الكسب في حكم الكتابة والاستيلاد والتدبير فلا يتبع في الرهن كأعيان مال الراهن وقال مالك : يتبع الولد في الرهن خاصة دون سائر النماء لأن الولد وقال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر : لا يدخل الرهن شيء من النماء المنفصل ولا من اكسب لنه حق تعلق بالأصل يستوفي من ثمنه فلا يسري إلى غيره كحق الجناية قال الشافعي : ولو رهنه ماشية مخاضا فنجت فالنتاح خارج من الرهن وخالفه أبو ثور وابن المنذر ومن حجتهم أيضا قول النبي A : [ الرهن من راهنه له غنمه وعليه غرمه ] والنماء غنم فيكون للراهن ولأنهما عين من أعيان ملك الراهن لم يعقد عليها عقد رهن فلم تكن رهنا كسائر ماله ولنا أنه حكم يثبت في العين بعقد المالك فيدخل فيه النماء والمنافع كالملك بالبيع وغيره ولأن النماء نماء حادث من عين الرهن فيدخ فيه كالمتصل ولأنه حق مستقر في الأم ثبت برضا المالك فيسري إلى الولد كالتدبير والاستيلاد .
ولنا على مالك أنه نماء حادث من عين الرهن فسرى إليه حكم الرهن كالولد وعلى أبي حنيفة أنه عقد يستتبع النماء فاستتبع الكسب كالشراء فأما الحديث فنقول بن وإن غنمه ونماءه وكسبه للراهن لكن يتعلق به حق الرهن كالأصل فإنه للراهن والحق متعلق به والفرق بينه وبين سائر مال الراهن أنه تبع فثبت له حكم أصله وأما حق الجناية فإنه ثبت بغير رضا المالك فلم يتعد ما ثبت فيه ولأنه جزاء عدوان فاختص الجاني كالقصاص ولأن السراية في الرهن لا تفضي إلى استيفاء أكثر من دينه فلا يكثر الضرر فيه .
فصل : وإذا ارتهن أرضا أو دارا أو غيرهما تبعه في الرهن ما يتبع في البيع فإن كان في الأرض شجر فقال : رهنتك هذه الأرض بحقوقها أو ذكر ما يدل على أن الشجر في الرهن دخل فيه وإن لم يذكر ذلك فهل يدخل الشجر في الرهن ؟ على وجهين بناء على دخوله في البيع وإن رهنه شجرا مثمرا وفيه ثمرة ظاهرا لم تدخل في الرهن كما لا يدخل في البيع وإن لم تكن ظاهر دخلت وقال الشافعي : لا تدخل الثمرة في الرهن بحال وقال أبو حنيفة : تدخ بكل حال لأن الرهن عنده لا يصح على الأصول دون الثمرة وقد قصد إلى عقد صحيح فتدخل الثمرة ضرورة الصحة .
ولنا أن الثمرة المؤبرة لا تدخل في البيع مع قوته وإزالته لملك البائع فالرهن مع ضعفه أولى وعلى الشافعي أنه عقد على الشجرة فاستتبع الثمرة غير المؤبرة كالبيع ويدخل في الرهن الصوف واللبن الموجودان كما يدخل في البيع وكذلك الحمل وسائر ما بيع في البيع لأه عقد وارد على العين فدخلت فيه هذه التوابع كالبيع ولو كان الرهن دارا فخرجت كانت انقاضها رهنا لأنه من أجزائها وقد كانت مرهونة قبل خرابها ولو رهنه أرضا فنبت فيها شجر فهو من الرهن سواء نبت بفعل الراهن أ وبفعل غير لأنه من نمائها .
فصل : وليس للراهن الانتفاع بالرهن باستخدام ولا وطء ولا سكنى ولا غير ذلك ولا ميلك التصرف فيه بإجارة ولا إعارة ولا غيرهما يغر رضا المرتهن وبهذا قال الثوري وأصحاب الرأي وقال مالك و ابن أبي ليلى و الشافعي و ابن المنذر : للراهن إجارته وإعارته مدة لا تيأخر انقضاؤها عن حلول الدين وهل له أن يسكن بنفسه ؟ على اختلاف بينهم فيه وإن كان الرهن عبدا فله استيفاء منافعه بغيره وهل له ذلك بنفسه ؟ على الخلاف وليس له إجارة الثوب ولا ما ينقص بالانتفاع وبنوه على أن المنافع للراهن لا تدخل في الرهن ولا يتعلق بها حقه وقد سبق الكلام في هذا ولأنها عين محبوسة فلم يكن للمالك الانتفاع بها كالمبيع المحبوس عند البائع على استيفاء ثمنه أو نقول نوع انتفاع فلا يملكه الراهن كالذي ينقص قيمة الرهن إذا ثبت هذا فإن المتراهنين إذا لم يتفقا بها لم يجز الانتفاع بها وكانت منافعها معطلة فإن كانت دارا أغلقت وإن كان عبدا أو غيره تعطلت منافعه حتى يفك الرهن وإن اتفقا على إجارة الرهن أو إعارته جاز ذلك هذا ظاهر كلام الخرقي لأنه جعل غلة الدار وخدمة العبد رهنا ولو عطلت منافعهما لم يكن لهما غلة وقال ابن أبي موسى : إن أذن الراهن للمرتهن في إعارته أو إجارته جاز والأجرة رهن وإن أرجة الراهن بإذن المرتهن خرج من الرهن في أحد الوجهين والآخر لا يخرج كما لو أجره المرتهن وقال أبو الخطاب : في المشاع يؤجره الحاكم لهما وذكر أبو بكر في الخلاف أن منافع الرهن تعطل مطلقا ولا يؤجراه وهذا قول الثوري وأصحاب الرأي وقالوا إذا أجر الراهن الرهن بإذن المرتهن كان إخراجا من الرهن لأن الرهن يقتضي حبسه عند المرتهن أو نائبه على الدوام فمتى وجد عقد يستحق به زوال الحبس زال الرهن .
ولنا أن مقصود ارهن الاستيثاق بالدين واستيفاؤه من ثمنه عند تعذر استيفاؤه من ذمة الراهن وهذا لا ينافي الانتفاع به ولا إجارته ولا إعارته فجاز اجتماعهما كانتفاع المرتهن به ولأن تعطيل منفعته تضييع للمال وقد نهى النبي A عن إضاعة المال ولأنه عين تعلق بها حق الوثيقة فلم يمنع إجارتها كالعبد إذا ضمن بإذن سيده ولا نسلم أن مقتضى الرهن الحبس فلا يمنع أن يكون المستأجر نائبا عنه في إمساكه وحبسه ومستوفيا لمنفعته لنفسه .
فصل : ولا يمنع الراهن من إصلاح الرهن ودفع الفساد عنه ومداواته إن احتاج إليها فإذا كان الرهن ماشية فاحتاجت إلى إطراق الفحل فللراهن ذلك لأن فيه مصلحة للرهن وزيادته وذلك زيادة في حق المرتهن من غير ضرر وإن كانت فحولا لم يكن للراهن إطراقها بغير رضا المرتهن لأنه انتفاع لا مصلحة للرهن فيه فهو كالاستخدام إلا أن يصير إلى حال يتضرر بترك الإطراق فيجوز لأنه كالمداواة له