قرض المكيل والموزون ونبو آدم .
فصل : ويجوز قرض المكيل والموزون بغير خلاف قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن استقراض ما له مثل من المكيل والموزون والأطعمة حائز ويجوز قرض كل ما يثبت في الذمة سلما سوى بني آدم وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : لا يجوز قرض غير المكيل والموزون لأنه لا مثل له أشبه الجواهر ولنا أن النبي A استسلف بكرا وليس بمكيل ولا موزون ولأ ما يثبت سلما يملك بالبيع ويضبط بالوصف فجاز قرضه كالمكيل والموزون وقولهم لا مثل له خلاف أصلهم فإن عند أبي حنيفة لو أتلف على رجل ثوبا ثبت في ذمته مثله ويجوز الصلح عنه بأكثر من قيمته فأما ما لا يثبت في الذمة سلما كالجواهر وشبهها فقال القاضي : يجوز قرضها ويرد المستقرض القيمة لأن ما لا مثل له يضمن بالقيمة والجواهر كغيرها في القيم وقال أبو الخطاب : لا يجوز قرضها لأن القرض يقتضي رد المثل وهذه لا مثل لها ولأنه لم ينقل قرضها ولا هي في معنى ما نقل القرض منه لكونها ليس من المرافق ولا يثبت في الذمة سلما فوجب ابقاؤها على المنع ويمكن بناء هذا الخلاف على الوجهين في الواجب في بدل غير المكيل والموزون فإذا قلنا الواجب رد المثل لم يجز قرض الجواهر وما لا يثبت في الذمة سلما لتعذر رد مثلها وإن قلنا الواجب رد القيمة جاز قرضه لإمكان رد القيمة ولأصحاب الشافعي وجهان كهذين .
فصل : فأما بنو آدم فقال أحمد : أكره قرضهم فيحتمل كراهية تنزيه ويصح قرضهم وهو قول ابن جريج و المزني لأنه مال يثبت في الذمة سلما فصح قرضه كسائر الحيوان ويحتمل أنه أراد كراهة التحريم فلا يصح قرضهم اختاره القاضي لأنه لم ينقل قرضهم ولا هو من المرافق ويحتمل صحة قرض العبيد دون الاماء وهو مالك والشافعي إلا أن يقرضهن من ذوي محارمهن لأن الملك بالقرض ضعيف فإنه لا يمنعه من ردها على المقرض فلا يستباح به الوطء كالملك في مجة الخيار وإذا لم يبح الوطء لم يصح القرض لعدم القاتل بالفرق ولأن الابضاع مما يحتاط لها ولو أبحنا قرضهن أفضى إلى أن الرجل يستقرض أمة فيطؤها ثم يردها من يومه ومتى احتاج إلى وطئها استقراضها فوطئها ثم ردها كما يستعير المتاع فينتفع به ثم يرده ولنا أنه عقد ناقل للملك فاستوى فيه العبيد والاماء كسائر العقود ولا نسلم ضعيف الملك فإنه مطلق لسائر التصرفات بخلاف الملك في مدة الخيار وقولهم متى شاء المقترض ردها ممنوع فإننا إذا قلنا الواجب رد القيمة لم يملك المقترض كما لو اشترى أمة ليطأها ثم يردها بالمقايلة أو يعيب فيها وإن وقع هذا بحكم الاتفاق لم يمنع الصحة كما لو وقع ذلك في البيع وكما لو أسلم جارية في أخرى موصوفة بصفاتها ثم ردها بعينا عند حلول الأجل ولو ثبت أن القرض ضعيف لا يبيح الوطء لم يمنع منه في الجواري كالبيع في مدة الخيار وعدم القائل بالفرق ليس بشيء على ما عرف في مواضعه وعدم نقله ليس بحجة فإن أكثر الحيوانات لم ينقل قرضها وهو جائز