أحكام تغير السلعة المبيعة مرابحة .
فصل : وإذا أراد الأخبار بثمن السلعة فإن كانت بحالها لم تتغير أخبر بثمنها وإن حط البائع بعض الثمن عن المشتري أو اشتراه بعد لزوم العقد لم يجزئه ويخبر بالثمن الأول لا غير ولأن ذلك هبة من أحدهما للآخر لا يكون عوضا وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : يلحق بالعقد ويخبر به في المرابحة وهذه المسألة يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى وإن كان ذلك في مدة الخيار لحق بالعقد وأخبر به في الثمن وبه قال الشافعي و أبو حنيفة ولا أعلم عن غيرهم خلافهم فإن تغير سعرها دونها فإن غلت لم يلزمه الأخبار بذلك لأنه زيادة فيها وإن رخصت فنص أحمد على أنه لا يلزمه الأخبار بذلك لأنه صادق بدون الأخبار به ويحتلم أن يلزمه الأخبار بالحال فإن المشتري لو علم ذلك لم يرضها بذلك الثمن فكتمانه بغرير به فإن أخبر بدون ثمنها ولم يتبين الحال لم يجز لأنه يجمع بين الكذب والتغرير .
فصل : فأما إن تغيرت السلعة فذلك على ضربين أحدهما : أن تتغير بزيادة وهي نوعان أحدهما أن تزيد لنمائها كالسمن وتعلم صنعة أو يحصل منها نماء منفصل كالولد والثمرة والكسب فهذا إذا أراد أن يبيعها مرابحة أخبر بالثمن من غير زيادة لأنه القدر الذي اشتراها به وإن أخذ النماء المنفصل أو استخدم الأمة أو وطئ الشيب أخبر برأس المال ولم يلزمه تبين الحال وروى ابن المنذر عن أحمد أنه يلزمه تبيين ذلك كله وهو قول إسحاق وقال أصحاب الرأي في الغلة يأخذها : لا بأس أن يبيع مرابحة وفي الولد والثمرة لا يبيع مرابحة حتى يبين ولأنه من موجب العقد .
ولنا أنه صادق فيما أخبر به من غير تغرير بالمشتري فجاز كما لو لم يزد ولأن الولد والثمرة نماء منفصل فلم يمنع من بيع المرابحة بدون ذكره كالغلة وقد بينا من قبل أنه ليس من موجبات العقد النوع الثاني : أن يعمل فيها عملا مثل أن يقصرها أو يرفها أو يجملها أو يخيطها فهذه متى أراد أن يبيعها مرابحة أخبر بالحال على وجه سواء عمل ذلك بنفسه أو استأجر من علمه هذا ظاهر كلام أحمد فإنه قال : يبين ما اشتراه وما لزمه ولا يجوز أن يقول تحصلت علي بكذا وبه قال الحسن و ابن سيرين و سعيد بن المسيب و طاوس و النخعي و الأوزاعي و أبو ثور ويحتمل أن يجوز فيم استأجر عليه أن يضم الأجرة إلى الثمن ويقول : تحصلت علي بكذا لأنه صادق وبه قال الشعبي و الحكم و الشافعي .
ولنا أنه تغرير بالمشتري فإنه عسى أن لو علم أن بعض ما تحلت به لأجل الصناعة لا يرغب فيه لعدم رغبته في ذلك فأشبه ما ينقص الحيوان في مؤنته وكسوته وعلى المبتاع في خزنه الضرب الثاني : أن يتغير بنقص كنقصه بمرض أو جناية عليه أو تلف بعضه أو بولادة أو عيب أو يأخذ المشتري بعضه كالصوف واللبن الموجود ونحوه فإنه بالحال على وجه لا نعلم فيه خلافا وإن أخذ أرش العيب أو الجناية أخبر بذلك على وجهه ذكره القاضي وقال أبو الخطاب : يحط أرش العيب من الثمن ويخبر بالباقي لأن أرش العيب عوض ما فات به فكان ثمن الموجود هو ما بقي وفي أرش الجناية وجهان أحدهما : يحطه من الثمن كأرش العيب والثاني : لا يحطه كالنماء وقال الشافعي : يحطهما من الثمن ويقول : تقوم علي بكذا لأنه صادق فيما أخبر به فأشبه ما لو أخبر بالحال على وجهه ولنا أن الأخبار بالحال على وجهه أبلغ في الصدق وأقرب إلى البيان ونفي التغرير بالمشتري والتدليس عليه فلزمه ذلك كما لو اشترى شيئين بثمن واحد وقسط الثمن عليهما وقياس أرش الجناية عليه على النماء والكسب غير صحيح لأن الأرش عوض نقصه الحاصل بالجناية عليه فهو بمنزلة ثمن جزء منه باعه وكقيمة أحد الثوبين إذا تلف أحدهما والنماء والكسب زيادة ولم ينقص بها المبيع ولا هي عوض عن شيء منه فأما إن جنى المبيع ففداه المشتري لم يحلق ذلك بالثمن ولم يخبر به في المرابحة بغير خلاف نعلمه لأن هذا الأرش لم يزيد به المبيع قيمة ولا ذاتا وإنما هو مزيل لنقصه بالجناية والعيب الحاصل بتعلقها برقبته فأشبه الدواء المزيل لمرضه الحدث عند المشتري فأما الأدوية والمؤنة والكسوة وعمله في السلعة بنفسه أو علم غيره له بغير أجره فإنه لا يخبر بذلك في الثمن وجها واحدا وإن أخبر بالحال على وجهه فحسن