البيع بشرط البراءة من كل عيب .
مسألة : قال : ومن باع حيوانا أو غيره بالبراءة من كل عيب لم يبرأ سواء علم به البائع أو لم يعلم .
اختلفت الرواية عن أحمد في البراءة من العيوب روي عنه أنه لا يبرأ إلا أن يعلم المشتري بالعيب وهو قول الشافعي وقال إبراهيم و الحكم و حماد : لا يبرأ إلا مما سمى وقال شريح : لا يبرأ إلا مما أراه أو وضع يده عليه وروي نحو ذلك عن عطاء و الحسن و إسحاق لأنه مرفق في البيع لا يثبت إلا بالشرط فلا يثبت مع الجهل كالخيار والرواية الثانية : أنه يبرأ من كل عيب لم يعلمه ولا يبرأ من عيب علمه ويروى ذلك عن عثمان ونحوه عن زيد بن ثابت وهو قول مالك وقول الشافعي في الحيوان خاصة لما روي أبو عبد الله بن عمر باع زيد بن ثابت عبدا بشرط البراءة من العيب بثمانمائة درهم فأصاب به زيد عيبا فأراد رده على ابن عمر فلم يقبله فترفعا إلى عثمان ؟ فقال عثمان لأبن عمر : تحلف أنك لم تعلم بهذا العيب ؟ فقال : لا فرده عليه فباعه ابن عمر بألف درهم وهذه قضية اشتهرت فلم تنكر فكانت إجماعا وروي عن أحمد أنه أجاز البراءة من المجهول فيخرج من هذا صحة البراءة من كل عيب وري هذا عن ابن عمر وهو قول أصحاب الرأي وقول الشافعي لما [ روت أم سلمة أن رجلين اختصما في مواريث درست إلى رسول الله A فقال رسول الله A استهما وتوخيا وليحلل كل واحد منكما صاحبه ] فدل هذا على أن البراءة من المجهول جائزة لأنه إسقاط حق لا تسليم فيه فصح من المجهول كالعتاق والطلاق ولا فرق بين الحيوان ويغره فما ثبت في أحدهما ثبت في الآخر وقول عثمان قد خالفه ابن عمر وقول الصحابي المخالف لا يبقى حجة .
فصل : فإن قلنا لا يصح شرط البراءة من العيوب فشرطه لم يفسد البيع في ظاهر المذهب وهو وجه لأصحاب الشافعي لأن ابن عمر باع بشرط البراءة فأجمعوا على صحته ولم ينكره منكر فعلى هذا لا يمنع الرد لوجود الشرط ويكون وجوده كعدمه وعن أحمد في الشروط الفاسدة روايتان إحداهما : أنها تفسد العقد فيدخل فيها هذا البيع لأنه البائع إنما رضي بهذا اثمن عوضا عنه بهذا الشرط فإذا فيدس الشرط فات الرضا به فيفسد البيع لعدم التراضي به