اختلاف المتبايعين في العيب الحادث .
مسألة : قال : فإن ظهر على عيب يمكن حدوثه قبل الشراء أو بعده حلف المشتري وكان له الرد أو الأرش .
وجملة ذلك أن المتبايعين إذا اختلفا في العيب هل كان في المبيع قبل العقد أو حدث عند المشتري ؟ لم يخل من قسمين أحدهما : أن لا يحتمل إلا قول أحدها كالأصبع الزائدة والشجة المندملة التي لا يمكن حدوث مثلها والجرح الطري الذي لا يحتمل كونه قديما فالقول قول من يدعي ذلك بغير يمين لأننا نعلم صدقه وكذب خصمه فلا حاجة إلا استحلافه والثاني : أن يحتمل قول كل واحد منهما كالخرق في الثوب والرفو ونحوهما ففيه روايتان إحداهما : القول قول المشتري فيحلف بالله أنه اشتراه وبه هذا العيب أو أنه ما حدث عنده ويكون له الخيار لأن الأصل عدم القبض في الجزء الفائت واستحقاق ما يقابله من الثمن ولزوم العقد في حقه فكان القول قول من ينفي ذلك كما لو اختلفا في قبض البيع والثانية : القول قول البائع مع يمينه فيحلف على حسب جوابه إن أجاب أنني بعته برئيا من العيب حلف على ذلك وإن أجاب بأنه لا يستحق على ما يدعيه من الرد حلف على ذلك ويمينه على البت لا على نفي العلم لأن الإيمان كلها على البت لا على نفي فعل الغير وبهذا قال أبو حنيفة و الشافعي لأن الأصل سلامة المبيع وصحة العقد ولأن المشتري يدعي عليه استحقاق فسخ البيع وهو ينكره والقول قول المنكر .
فصل : وإذا باع الوكيل على عيب كان به فله رده على الموكل لأن المبيع يرد بالعيب على من كان له فإن كان العيب مما يمكن حدوثه فأقر به الوكيل وأنكره الموكل فقال أبو الخطاب : يقبل إقراره على موكله بالعيب لأنه أمر يستحقه به الرد فيقبل إقرار الوكيل به على موكله كخيار الشرط وقال أصحاب أبي حنيفة و الشافعي : لا يقبل إقراره الوكيل بذلك وهو أصح لأنه إقرار على الغير فلم يقبل كالأجنبي فإذا رده المشتري على الوكيل لم يملك الوكيل رده على الموكل لأنه رده بإقراره وهو غير مقبول على غيره ذكره القاضي فإن أنكره الوكيل فتوجهت اليمين عليه فنكل عنها فرد عليه بنكوله فهل له رده على الموكل ؟ على وجهين أحدهما : ليس له رده لأن ذلك يجري مجرى إقراره والثاني : له رده لأنه يرجع إليه بغير اختيار أشبه ما لو قامت به بينة .
فصل : ولو اشترى جارية على أنها بكر ثم قال المشتري : إنما هي ثبت أريت النساء الثقات ويقبل قول امرأة ثقة فإن وطئها المشتري وقال : ما أصبتها بكرا خرج فيه وجها بناء على الروايتين فيما إذا اختلفا في العيب الحادث .
فصل : وإن رد المشتري السلعة عيب فيها فأنكر البائع كونها سلعته فالقول قول البائع مع يمينه وبه قال أبو ثور وأصحاب الرأي ونحوه قال الأوزاعي فإنه قال فيمن صرف دراهم بدنانير ثم رجع بدرهم فقال الصيرفي : ليس هذا درهمي يحلف الصيرفي بالله لقد وفيتكه ويبرأ لأن البائع منكر كون هذه فحكى ابن المنذر عن أحمد : القول قول المشتري وهو قول الثوري و إسحاق وأصحاب الرأي لأنهما اتفقا على استحقاق فسخ العقد والرد بالعيب بخلافه