ظهور زيادة في البيع أو نقص بعد الشراء .
فصل : إذا قال : بعتك هذه الأرض أو هذا الثوب على أنه شعرة أذرع فبان أحد عشر ففيه روايتان إحداهما : البيع باطل لأنه لا يمكن إجبار البائع على تسلمي الزيادة وإنما باع عشرة ولا المشتري على أخذ البعض وإنما اشترى الكل وعليه ضرر في الشركة أيضا والثانية : البيع صحيح والزيادة للبائع لأن ذلك نقص على المشتري فلا يمنع صحة البيع كالعيب ثم يخبر البائع بين تسليم المبيع زائدا وبين تسليم العشرة فإن رضي بتسليم الجميع فلا خيار للمشتري لأنه زاده خيرا وإن أبى تسليمه زائدا فللمشتري الخيار بين الفسخ والأخذ بجميع الثمن المسمى وقسط الزائد فإن رضي بالأخذ أخذ العشرة والبائع شريك له بالذراع وهل للبائع خيرا الفسخ ؟ على وجهين أحدهما : له الفسخ لأن عليه ضررا في المشاركة والثاني : لا خيار له لأنه رضي ببيع الجميع بهذا الثمن فإذا وصل إليه الثمن مع بقاء جزء له فيه كان زيادة فلا يستحق بها الفسخ ولأن هذا الضرر حصل بتغريره وإخباره بخلاف غيره فلا ينبغي أن يتسلط به على فسخ عقد المشتري فإن بذلها البائع للمشتري بثمن أو طلبها المشتري بثمن لم يلزم الآخر القبول لأنها معاوضة يعتبر فيها التراضي منهما فلا يجبر واحد منهما عليها وإن تراضيا على ذلك جاز فإن بان تسعة ففيه روايتان إحداهما : يبطل البيع لما تقدم والثانية : البيع صحيح والمشتري بالخيار بين الفسخ والإمساك بتسعة أعشار الثمن وقال أصحاب الشافعي : ليس له إمساكه إلا بكل الثمن أو الفسخ بناء على قولهم إن المعيب ليس لمشتريه إلا الفسخ أو إمساكه بكل الثمن .
ولنا أنه وجد المبيع ناقصا في القدر فكان له إمساكه بقسطه من الثمن كالصبرة إذا اشتراها على أنها مائة فبانت خمسين وسنبين أن المعيب له إمساكه وأخذ أرشه أخذه بقسطها من الثمن فللبائع الخيار بين الرضا بذلك وبين الفسخ لأنه إنما رضي ببيعها بهذا الثمن كله وإذا لم يصل إليه كان له الفسخ فإن بذل له المشتري جميع الثمن لم يملك الفسخ لأنه وصل الثمن الذي رضيه فأشبه ما لو اشترى معيبا فرضيه بجميع الثمن .
فصل : وإن اشترى صبر على أنها عشرة أقفزة فبانت أحد عشر رد الزائد ولا خيار له ههنا لأنه لا ضرر في الزيادة وإن بانت تسعة أخذها بقسطها من الثمن وقد ذكرنا فيم تقدم أنه متى سمى الكيل في الصبرة لا يكون قبضها إلا بالكيل فإذا كالها فوجدها قدر حقه أخذها وإن كانت زائدة رد الزيادة وإن كانت ناقصة أخذها بقسطها من الثمن وهل له الفسخ إذا وجد ناقصة ؟ على وجهين : .
أحدهما : له الخيار وهو مذهب الشافعي لأنه وجد المبيع ناقصا فكان له الفسخ كغير الصبرة وكنقصان الصفة والثاني : لا خيار له لأن نقصان القدر ليس بعيب في الباقي من الكيل بخلاف غيره .
فصل : إذا باع الأدهان في ظروفها جملة وقد شاهدها جاز لأن أجزاءها لا تختلف فهو كالصبرة وكذلك الحكم في العسل والدبس والخل وسائر المائعات التي لا تختلف وإن باعه كل رطل أو باعه رطلا معلومة يعلم أن فيها أكثر منها أو باعه جزاءا مشاعا أو أجزاء أو باعه إياه مع الظرف بعشرة دراهم أو بثمن معلوم جاز وإن باعه السمن والظرف كل رطل بدرهم وهما يعلمان مبلغ كل واحد منهما صح لأنه قد رضي أن يشتري الظرف كل رطل بدرهم وما فيه كذلك فأشبه ما لو اشترى ظرفين في أحدهما سمن وفي الآخر زيت كل رطل بدرهم وقال القاضي : لا يصح لأن وزن الظرف يزيد وينقص فيدخل على غرر والأول أصح لأن بيع كل واحد منها منفردا يصح لذلك فكذلك إذا جمعهما كالأرض المختلفة الأجزاء والثياب وغيرهما وأما إن باعه كل رطل بدرهم على أن يزن الظرف فيحتسب عليه بوزنه ولا يكون مبيعا وهما يعلمان زنة كل واحد منهما صح لأنه إذا علم أن الدهن عشرة والظرف رطلا كان معناه بعتك عشرة أرطال باثني عشر درهما وإن كانا لا يعلمان زنة الظرف والدهن لم يصح لأنه يؤدي إلى جهالة الثمن في الحال وسواء جهلا زنتهما جميعا أو زنة أحدهما لذلك .
فصل : وإن وجد في ظرف السمن ربا فقال ابن المنذر قال أحمد و إسحاق : فإن كان سمانا عنده سمن أعطاه بوزنه سمنا وإن لم يكن عنده سمن أعطاه بقدر الرب من الثمن وألزمه شريح بقدر الرب سمنا بكل حال وقال الثوري : إن شاء أخذ الذي وجده لا يكلف أن يعطيه بقدر الرب سمنا ولنا أنه وجد المبيع المكيل ناقصا فأشبه ما لو اشترى صبرة فوجد تحتها ربوة أو اشتراها على أنها عشرة أقفزة فبانت تسعة وقد بينا أنه يأخذ الموجود بقسطه من الثمن كذا ههنا فعلى هذا إنما يأخذا الموجود من السمن بقسطه من الثمن ولا يلزم البائع أن يعطيه سمنا سواء كان موجودا عنده أو لم يكن فإن تراضيا على إعطائه سمنا جاز والله أعلم