جواز شراء الصبرة كل قفيز منها .
مسألة : قال : وإذا اشترى صبرة على أن كل مكيلة منها بشيء معلوم جاز .
وجملة ذلك أنه قال : بعتك هذه الصبرة كل قفيز منها بدرهم صح وإن لم يعلما مقدار ذلك حال العقد وبهذا قال مالك و الشافعي و أبو يوسف و محمد وقال أبو حنيفة : يصح في قفيز واحد ويبطل فيما سواه لأن جملة الثمن مجهولة فلم يحص كبيع المبتاع برقمه ولنا أن المبيع معلوم بالمشاهدة والثمن معلوم لإشارته إلى ما يعرف مبلغه بجهة لا تتعلق بالمتعاقدين وهو أن تكال الصبرة ويسقط الثمن على قدر قفزانها فيعلم مبلغه فجاز كما لو باع ما رأس ماله اثنان وسبعون مرابحة لكل ثلاثة عشر درهما درهم فإنه لا يعلم في الحال وإنما يعلم بالحساب كذا ههنا ولأن المبيع معلوم بالمشاهدة والثمن معلوم قدر ما يقابل كل جزء من المبيع فصح كالأصل المذكور وقد [ روي عن علي Bه أنه آجر نفسه كل دلو بتمرة وجاء النبي A بالتمر ] .
فصل : ولو قال بعتك من هذه الصبرة قفيزا أو قال : عشرة أقفزة وهما يعلمان أنها أكثر من ذلك صح وحكي عن داود أنه لا يصح لأنه غير مشاهد ولا موصوف ولنا أن المبيع مقدر معلوم من جملة يصح أشبه إذا باع نصفها وما ذكره قياس وهو لا يحتج بالقياس ثم لا يصح فإنه إذا شاهد الجملة فقد شاهد المبيع لأنه بعضها .
فصل : وإن قال : بعتك من هذه الصبرة كل قفيز بدرهم لم يصح لأن من للتبعيض وكل للعدد فيكون ذلك العدد منها مجهولا ويحتمل أن يصح البيع كما يصح في الإجارة كل دلو بتمرة وكل شهر بدرهم وإن قال : بعتك هذه الصبرة الأخرى بعشرة دارهم على أن أزيدك قفيزا أو أنقصك قفيزا لم يصح لأنه لا يدري أيزيده أم ينقصه ولو قال : على أن أزيدك قفيزا لم يجز لأن القفيز مجهول ولو قال : أزيدك قفيزا من هذه الصبرة الأخرى أو وصفه بصفة يعلم بها صح لأن معناه بعتك هذه وقفيزا من هذه الأخرى بعشرة دراهم وإن قال : على أن أنقصك قفيزا لم يصح لأن معناه بعتك هذه الصبرة إلا قفيزا كل قفيز بدرهم على أن أزيدك قفيزا من هذه الصبرة الأخرى لم يصح لإفضائه إلى جهالة الثمن في التفصيل لأنه يصير قفيزا أو شيئا بدرهم والشيء لا يعرفانه لعدم معرفتهما بكمية ما في الصبرة من القفزان ولو قصد أني أحط ثمن قفيز من الصبرة لا احتسب به لم يصح للجهالة التي ذكرناها وإن كانت الصبرة معولماص قدر قفزانها لهما أو قال : هذه عشرة أقفزة بعتكها كل قفيز بدرهم على أن أزيدك قفيزا من هذه الصبرة أو وصفة بصفة يعلم بها صح لأن معناه بعتك كل قفيز وعشر قفيز بدرهم وإن لم يعلم القفيز أو جعله هبة لم يصح وإن أراد أني لا أحسب عليك بمثن قفيز منها صح أيضا لأنهما لما علما جملة الصبرة علما ما ينقص من الثمن ولو قال : على أن أنقصك قفيزا صح لأن معناه بعتك تسعة أقفيزة بعشرة دراهم ولك قفيز بدرهم وتسع وحكي عن أبي تكر أنه يصح في جميع المسائل على قياس قول أحمد لأنه يجبر الشرط الواحد ولا يصح هذا لأن المبيع مجهول فلا يصح بيعه بخلاف الشرط الذي يفضي إلى جهالة