فصل : ولا يسن التكرار .
فصل : ولا يسن تكرار مسح الرأس في الصحيح من المذهب وهو قول ابي حنيفة و مالك وروي ذلك عن ابن عمر وابنه سالم والنخعي ومجاهد وطلحة بن مصرف والحكم قال الترمذي : والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب رسول الله A ومن بعدهم وعن أحمد أنه يسن تكراره ويحتمله كلام الخرقي لقوله : الثلاث أفضل وهو مذهب الشافعي وروي عن أنس قال ابن عبد البر : كلهم يقولم مسح الرأس مسحة واحدة وقال الشافعي : يمسح برأسه ثلاثا لأن أبا داود روى عن شقيق بن سلمة قال : رأيت عثمان بن عفان غسل ذراعيه ثلاثا ومسح برأسه ثلاثا ثم قال : رأيت رسول الله A فعل مثل وروي مثل ذلك من غير واحد من أصحاب رسول الله A وروى عثمان وعلي وابن عمر وأبو هريرة وعبد الله بن أبي أوفي و أبو مالك والربيع وأبي بن كعب أن رسول الله A توضأ ثلاثا ثلاثا وفي حديث أبي قال : [ هذا وضوئي ووضوء المرسلين قبلي ] رواه ابن ماجة ولأن الرأس أصل في الطهارة فسن تكرارها فيه كالوجه .
ولنا : أن عبد الله بن زيد وصف وضوء رسول الله A قال : ومسح برأسه مرة واحدة متفق عليه وروى علي رصي الله عنه أنه توضأ ومسح برأسه مرة واحدة وقال : هذا وضوء النبي A من أحب أن ينظر إلى طهور رسول الله A فلينظر إلى هذا قال الترمذي : هذا حديث صحيح وكذلك وصف عبد الله بن أبي أوفى وابن عباس وسلمة بن الأكوع والربيع كلهم قالوا : ومسح برأسه مرة واحدة وحكايتهم لوضوء النبي A إخبار عن الدوام ولا يداوم إلا على الأفضل الأكمل وحديث ابن عباس حكاية وضوء رسول الله A في الليل حال خلوته ولا يفعل في تلك الحال إلا الأفضل ولأنه مسح في طهارة فلم يسن تكراره كالمسح في التيمم والمسح على الجبيرة وسائر المسح ولم يصح من أحاديثهم شيء صريح قال أبو داود أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أن مسح الرأس مرة فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثا ثلاثا وقالوا فيها : ومسح برأسه ولم يذكروا عددا كما ذكروا في غيره والحديث الذي ذكر فيه مسح رأسه ثلاثا رواه يحيى بن آدم وخالفه وكيع فقال : توضأ ثلاثا فقط والصحيح عن عثمان أنه توضأ ثلاثا ثلاثا ومسح رأسه ولم يذكر عددا هكذا رواه البخاري و مسلم وقال أبو داود : وهو الصحيح ومن روى عنه ذلك سوى عثمان فلم يصح فإنهم الذي رووا أحاديثنا وهي صحاح فيلزم من ذلك ضعف من خالفها والأحاديث التي ذكروا فيها أن النبي A توضأ ثلاثا ثلاثا أرادوا بها ما سوى المسح فإن رواتها حين فصلوها قالوا : ومسح برأسه مرة واحدة والتفصيل يحكم به على الإجمال ويكون تفسيرا له ولا يعارض به كالخاص مع العام وقياسهم منقوض بالتيمم فإن قيل يجوز أن يكون النبي A قد مسح مرة ليبين الجواز ومسح ثلاثا ليبين الأفضل كما فعل في الغسل فنقل الأمران نقلا صحيحا من غير تعارض بين الروايات قلنا قول الراوي : هذا طهور رسول الله A يدل على أنه طهوره على الدوام ولأن الصحابة Bهم إنما ذكروا صفة رسول الله A لتعريف سائلهم ومن حضرهم كيفية وضوئه في دوامه فلو شاهدوا وضوءه على صفة أخرى لم يطلقوا هذا الإطلاق الذي يفهم منه أنهم لم يشاهدوا غيره لأن ذلك يكون تدليسا وإبهاما بغير الصواب فلا يظن ذلك بهم وتعين حمل حل الرواي لغير الصحيح على الغلط لا غير ولأن الرواة إذا رووا حديثا واحدا عن شخص واحد فاتفق الحفاظ منهم على صفة وخالفهم فيها واحد حكموا عليه بالغلط وإن كان ثقة حافظا فكيف إذا لم يكن معروفا بذلك