حكم الشراء بالنقود المكسرة وبيع تراب الصاغة .
فصل : ولو اشترى شيئا بمكسرة لم يجز أن يعطيه صحيحا أقل منها قال أحمد هذا هو الربا المحض وذلك لأنه يأخذ عوض الفضة أقل منها فيحصل التفاضل بينهما ولو اشتراه بصحيح لم يجز أن يعطيه مكسرة أكثر منها كذلك فإن تفاسخا البيع ثم عقدا بالصحاح أو بالمكسرة جاز ولو اشترى ثوبا بنصف دينار لزمه نصف دينار شق إن عاد فاشترى شيئا آخر بنصف آخر لزمه نصف شق أيضا فإن وفاه دينارا صحيحا بطل العقد الثاني لأنه تضمن اشتراط زيادة ثمن العقد الأول وإن كان ذلك قبل لزوم العقد الأول بطل أيضا لأنه وجد ما يفسده قبل انبرامه وإن كان بعد تفرقهما فلزومه لم يؤثر ذلك فيه ولا يلزمه أكثر من ثمنه الذي عقد البيع به ومذهب الشافعي في هذا كما ذكرنا .
فصل : إذا كان له عند رجل دينار وديعة فصارفه به وهو معلوم بقاؤه أو مظنون صح الصرف وإن ظن أنه غير موجود لم يصح الصرف لأن حكمه حكم المعدوم وإن شك فيه فقال ابن عقيل يصح وهو قول بعض الشافعية وقال القاضي : لا يصح لأنه غير معلوم البقاء وهو منصوص الشافعي ووجه الأول أن الأصل بقاؤه فصح البناء عليه عند الشك فإن الشك لا يزيل اليقين ولذلك صح بيع الحيوان الغائب المشكك في حياته فإن تبين أنه كان تالفا حين العقد تبينا أن العقد وقع باطلا .
فصل : ولا يجوز بيع تراب الصاغة والمعدن بشيء من جنسه لأنه مال ربا بيع بجنسه على وجه لا تعلم المماثلة بينهما فلم يصح كبيع الصبرة بالصبرة وإن بيع بغير جنسه فحكى ابن المنذر عن أحمد كراهة بيع تراب المعادن وهو قول عطاء و الشافعي و الشعبي و الثوري و الأوزاعي و إسحاق لأنه مجهول وقال ابن أبي موسى في الإرشاد : يجوز ذلك وهو قول مالك وروي ذلك عن الحسن و النخعي و ربيعة و الليث قالوا : فإن اختلط أو اشكل فليبعه بعرض ولا يبعه بعين ولا ورق لأنه باعه بما لا ربا فيه فجاز كما لو اشترى ثوبا بدينار ودرهم