تحديد الجنس والنوع من الربويات .
مسألة : قال : والتمور كلها جنس وإن اختلفت أنواعها .
الجنس هو الشامل لأشياء مختلفة بأنواعها والنوع الشامل لأشياء مختلفة بأشخاصها وقد يكون النوع جنسا بالنسبة إلى ما تحته نوعا بالنسبة إلى ما فوقه والمراد هنا الجنس الأخص والنوع الأخص فكل نوعين اجتمعا في اسم خاص فهما جنس كأنواع التمر وأنواع الحنطة فالتمور كلها جنس واحد لأن الاسم الخاص يجمعها وهو التمر وإن كثرت أنواعه كالبرني والعقلي والابراهيمي والخاستوي وغيرها وكل شيئين اتفقا في الجنس ثبت فيهما حكم الشرع بتحريم التفاضل وإن اختلفت الأنواع لقول النبي A : [ التمر بالتمر مثلا بمثل والبر بالبر مثلا بمثل ] الحديث بتمامه فاعتبر المساواة في جنس التمر بالتمر والبر بالبر ثم قال : [ فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم ] وفي لفظ [ فإذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم ] وفي لفظ [ إلا ما اختلفت ألوانه ] ولا خلاف بين أهل العلم علمناه في وجوب المساواة في التمر بالتمر وسائر ما ذكر في الخبر مع اتفاق الأنواع واختلافهما .
فصل : فإن كان المشتركان في الاسم الخاص من أصلين مختلفين فهما جنسان كالأدقة والأخبار والخلول والأدهان وعصير الأشياء المختلفة كلها أجناس مختلفة باختلاف أصولها وحكي عن أحمد أن خل التمر وخل العنب جنس وحكي ذلك عن مالك لأن الاسم الخاص يجمعهما والصحيح أنهما جنسان لأنهما من أصلين مختلفين فكانا جنسين كدقيق الحنطة ودقيق الشعير وما ذكر للرواية الأخرى منتقض بسائر فروع الأصول التي ذكرناها وكل نوع مبني على أصله فإذا كان شيئان من أصلين فهما جنسان فزيت الزيتون وزيت البطم وزيت الفجل أجناس ودهن السمك والشيرج ودهن الجوز ودهن اللوز والبرز أجناس وعسل القصب جنسان وتمر النخل وتمر الهند جنسان وكل شيئين أصلهما واحد فهما جنس واحد وإن اختلفت مقاصدهما فدهن الورد والبنفسج والزئبق ودهن الياسمين إذا كانت من دهن واحد فهي جنس واحد وهذا الصحيح من مذهب الشافعي وله قول آخر لا يجري الربا فيها لأنها لا تقصد للأكل وقال أبو حنيفة هي أجناس لأن مقاصدها مختلفة ولنا أنها كلها شريج وإنما طيبت بهذه الرياحين فنسبت إليها فلم تصر أجناسا كما لو طيب سائر أنواع الأجناس وقولهم لا تقصد الرياحين للأكل قلنا هي صالحة للأكل وإنما تعد لما هو أعلى منه فلا تخرج عن كونها مأكولة بصلاحها لغيره وقولهم أنها أجناس لا يصح لأنها من أصل واحد ويشملها اسم واحد فكانت جنسا كأنواع التمر والحنطة .
فصل : وقد يكون الجنس الواحد مشتملا على جنسين كالتمر يشتمل على النوى وغيره وهما جنسان واللبن يشتمل على المخيض والزبد وهما جنسان فما داما متصلين اتصال الخلقة فهما جنس واحد فإذا ميز أحدهما من الآخر جنسين حكمهما حكم الجنسين الأصليين